المخدرات والمسؤولية المشتركة
تعتبر المخدرات العدو رقم واحد اليوم في المملكة العربية السعودية بشكل خاص وللعالم أجمع بشكل عام، وعندما يتحدث الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في أكثر من مناسبة عن خطر المخدرات ومن يقف خلفها وما تخلفه من دمار في جسد الوطن من خلال ما تسببه من مشكلات أسرية واجتماعية وأمنية وصحية واقتصادية، فإنه يضع النقاط على الحروف لمن يفهم ومن لا يفهم حتى يفهم أن الموضوع لم يعد مشكلة صغيرة يمكن علاجها وفقًا للطرق المعتادة، إنما الأمر يتطلب تضافر جميع الجهود وتعاون جميع أطياف المجتمع على كل المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، أفرادًا ومؤسسات.
إن الدعوة لتحمل المسؤولية من كل أطياف المجتمع رجالاً ونساء، شبابًا وشابات، سعوديين وغير سعوديين، دعوة مباشرة كي نعمل جميعًا لمحاربة المخدرات ومن يقف خلفها بالتهريب أو الترويج أو التسويق أو البيع أو بأي شكل من أشكال جعلها في متناول المستخدمين داخل المملكة.
إن الأمر أصبح مسؤولية الجميع؛ لأن الخطر أصبح ينال الجميع، ولم يعد الأمر موضوعًا فرديًا أو تصرفات محدودة، إنما حرب بكل ما تعنيه الحرب ضد إنسان واستقرار المجتمع السعودي وسلامة أبنائه.
إن حرب المخدرات ضد المجتمع السعودي حرب تختلف عن الحروب المعروفة؛ لأنك تعرف خصمك وتعرف تحركاته وبناء عليها تستطيع محاربته ومقاومته، لكن حرب المخدرات ضد المجتمع السعودي حرب خفية تأتي بكل أشكال المغريات، وربما من أشخاص لا يمكن أن نتخيل أنهم من المهربين أو المروجين للمخدرات ويقدمونها بأساليب مختلفة، ووفقًا لعادات المجتمع الدقيقة جدًا، ولهذا لا يجد الشخص نفسه فجأة إلا وهو متعاطٍ لهذه السموم الخطيرة بسبب ثقتنا ببعضنا، ووجود بعض العادات السيئة التي لا نراها سيئة بالمطلق في بعض الأحيان مثل التدخين والشيشة وغيرهما من المواد التي يستخدمها بعض الناس بحسن نية، مثل بعض المهدئات دون ضوابط طبية صارمة.
إن حرب المخدرات على المجتمع السعودي أصبحت ظاهرة مقلقة؛ لأنها بدأت تصيب قلب المجتمع، وتهدد أركانه الأسرية، وحوادث استخدام المخدرات ضد الأهل تجاوزت كل ما يمكن أن يقبله حتى عقل الجاهل أو المريض نفسيًا، حيث أدى استخدام المخدرات إلى اعتداء الابن على والديه بالقتل أو الضرب، وهناك من اغتصب والدته بسبب المخدرات، وهناك من اغتصب بناته، ومنهن الحامل أيضًا بسبب المخدرات، والقصص المروعة التي بدأت تنتشر داخل مجتمعنا بسبب انتشار استخدام المخدرات وتعاطيها لأسباب مهما كانت فإنها غير مبررة، وبين نسبة غير قليلة من المواطنين تدعو إلى المزيد من العمل المجتمعي المتكامل بحيث يعمل كل واحد منا رقيبًا على حماية مجتمعه من شرور المخدرات وعدم التهاون مع المروجين والمهربين مهما كانت الأسباب، وأن يكون كل مواطن ومقيم عينًا للأمن على هؤلاء المفسدين، والعمل مع كل القطاعات المعنية لمحاربة هذه الآفة الإجرامية الخطيرة التي لا ترحم صغيرًا أو كبيرًا، ولا تُقدِّر للدين حرمة وللإنسان قيمة.
إن الإنسان السوي عندما يسمع أو يقرأ أو يشاهد الجرائم التي يرتكبها مستخدمو المخدرات يكاد يفقد عقله لفظاعتها وشناعتها وسوء عاقبتها، والمستخدم لها لا يعد قادرًا على ردع نفسه منها بسبب خطرها أولاً، ثم إن أغلبية المواد السامة من المخدرات المهربة للمملكة من المواد المخلوطة بمواد تدمر العقل وخلايا المخ بسبب إضافة تلك المواد الكيماوية الخطيرة التي يقصد منها تدمير مستخدمها، ولا يمكن اكتشافها إلا بعد فوات الأوان.
إن الجهود التي يبذلها ونشاهدها يوميًا رجال الأمن في كل القطاعات، خصوصًا حرس الحدود ومكافحة المخدرات والجمارك وغيرها من الأجهزة تبرز مدى أهمية دعمها بجهودنا الفردية والمؤسسية من خلال دور مؤسسات المجتمع للقيام بواجبها نحو العمل بروح الفريق الواحد مع بقية القطاعات الأمنية والصحية والتعليمية للتوعية بأضرار المخدرات والطرق المؤدية إليها ودعم تكافل وترابط المجتمع للوقوف في وجه هذه الآفة الخطيرة والداء العضال، والجمعيات الخيرية والاجتماعية والمهنية عليها دور كبير في التوعية من الأضرار الجسيمة للمخدرات، يعاضدها في ذلك قطاع الإعلام بكل مؤسساته وأدواته.
إن الشباب عليهم الدور الأهم للعمل في التوعية بأضرار المخدرات، خصوصًا أنهم هم المستهدفون بالدرجة الأولى، ومروجو ومهربو المخدرات لا يفرقون بين شاب أو شابة؛ لأن هدفهم أولاً تدمير الشباب السعودي، وثانيًا تحقيق ربح مادي من ذلك التدمير، ومن يعتقد من الشباب أن مهربي المخدرات ومروجيها لا يقصدونهم بشكل خاص في التدمير فهم مخطئون؛ لأن كل التحقيقات والمتابعات والدراسات، أكدت ذلك وأوضحت أن المهربين والمروجين يستخدمون كل الوسائل من أجل الوصول إلى الشباب وجعل المخدرات جزءًا أساسيًا من حياتهم.
أخيرًا؛ يجب أن تكون حربنا ضد المخدرات حربًا جماعية، ونعمل جميعًا مثل الجسد الواحد كما أمرنا رسولنا ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ، وألا يكون أي واحد منا الثغرة التي يمكن لمروجي المخدرات ومهربيها أن يدخلوا إلى المجتمع من خلالها، وربما لو نجحنا هذا العام في جعله عام المحاربة والمقاطعة السعودية للمخدرات بكل أنواعها وأشكالها، فإننا ـــ بإذن الله ـــ سنحقق الأمل الذي نرجوه؛ لأن الأمر في نهاية المطاف عرض وطلب، كما يقول إخواننا رجال الأعمال، فإذا غاب الطلب غاب العرض. وفق الله الجميع من أجل تحقيق وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، وإسلامي المعتقد وعالمي الطموح.