المقيم في بلادنا بين ظالم ومظلوم!

كثر الحديث أخيراً عن أوضاع المقيمين في بلادنا بعد الحملات الإعلامية التي شنها الإعلام الإندونيسي والفلبيني ضدّنا نتيجة ممارسات فردية قليلة لا تعبّر عن الأكثرية التي تتعامل بشكل عادل مع المقيم الملتزم بأنظمة البلاد والمؤدي لعمله على أكمل وجه، ولو نظرنا بموضوعية لوجدنا أن المقيم في بلادنا، خاصة العمالة وهي الغالبية العظمى، بين ظالم ومظلوم، فهو ظالم إن أقام بطريقة غير نظامية وغش في عمله .. وارتكب الجرائم بأنواعها وهذا لا نريده أن يقيم في بلادنا ولو ساعة واحدة حتى لو تعطلت أعمالنا .. أما إن كان نظامي الإقامة وقائما بعمله ومحترماً لأنظمة البلاد وتعاليمها .. ثم يأتي مَن يسيء معاملته أو يؤخر صرف مرتباته أو يجعله يعمل ظهراً تحت أشعة الشمس الحارقة في مثل هذه الأيام .. فهو مظلوم .. وفق جميع المفاهيم .. ولا بد أن يجد مَن يساعده على الحصول على حقوقه .. وليس بالضرورة أن تكون تلك الجهة التي ستقف معه حكومية .. ولذا فقد كتب الزميل محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في جريدة "الجزيرة" أخيراً داعياً إلى إنشاء هيئة أو جمعية للعناية بحقوق المقيمين .. وهي فكرة جديرة بالاهتمام .. وقد سعدت بذلك كثيراً لأن الفكرة تعاضد بشكل كبير ما كتبت عنه قبل أربع سنوات تقريباً بعنوان " لجنة لأصدقاء المقيم تحت مظلة هيئة حقوق الإنسان" وذكرت في ذلك المقال .. إنه ومع أن التعامل بين المواطن السعودي والمقيم تسوده الأخوة والمودة إلا حالات شاذة نبرأ إلى الله منها، فإن الحاجة إلى قيام لجنة أو جمعية لأصدقاء المقيم تظل قائمة، وقد طرحت هذا الاقتراح قبل فترة ليست بالقصيرة .. وأعود اليوم لأطرحه موجهاً حديثي إلى هيئة حقوق الإنسان، وفكرة لجنة أصدقاء المقيم تتلخص في اختيار مجموعة من المشهود لهم بالتعامل الإنساني من أعضاء هيئة حقوق الإنسان وأعضاء مجلس الشورى ورجال الأعمال والأطباء والكتاب والصحافيين وغيرهم لوضع الأفكار والبرامج التي من شأنها إظهار قبول المواطن السعودي للمقيم وحالات التعامل الطيب التي تمتد لسنوات عديدة حتى أصبح في بعض الحالات السائق أو العاملة في المنزل يعامل كفرد من أفراد الأسرة، كما أن من أهداف اللجنة أو الجمعية المقترحة تكريم عدد من المقيمين في كل عام الذين عرف عنهم تقيدهم بالأنظمة وأداء أعمالهم بالأمانة والصدق وعدم ارتكابهم المخالفات، حتى المرورية منها، ومن مهام اللجنة أيضاً إفشاء السلام والابتسامة بين المواطن والمقيم البسيط، ولقد وجدت لهذه الصفة مفعول السحر في إدخال البهجة والسرور على المقيم الذي تحمل الغربة في سبيل الحصول على قوته وقوت أسرته، ولعل الصورة الجميلة للتعامل الطيب مع المقيمين تتجلى هذه الأيام في تجمعات العمالة حول مائدة "إفطار صائم" ودخول أحد المواطنين لكي يسلم عليهم ويشاركهم إفطارهم أو يهدي لهم بعض الأطباق الإضافية.
وأخيرا: يمكن لجمعية أصدقاء المقيم، لو قامت، أن تركز على التوعية، وأن تقيم الندوات والمحاضرات حول واجبات صاحب العمل والعامل، وكيفية التعامل بينهما، وأن تستضيف نماذج من الجانبين للحديث عن تجاربهما الناجحة في التعامل الطيب خلال سنوات لم نسمع خلالها عن ممارسات سيئة مثل التي سمعنا عنها أخيراً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي