إلى «ستيفن كوفي».. صاحب العادات السبع «الحسنة»: عاداتنا السبع «المتخلفة» .. كيف نغيرها ؟ (1 من 3)
ها نحن قد التأم شملنا وعدنا بعد الصيف ورمضان والعيد..
عدنا و''الصدمة الحضارية'' تستقبلنا.. تتربص بنا منذ تلاوتنا لدعاء السفر، بترديدنا لعبارة ''كآبة المنظر''.. تلك الكآبة المتجسدة في مطاراتنا الباهتة .. في البشر المتدافعين في الصالات.. في الوجوه ''المشهبة'' التي تستقبلك عند مدخل المطار: ''تكسي يا الأخو..''.
انتهز عودتكم إلى الوطن والروتين وأسألكم وكل ''صناع القرار'' في الجهات المعنية بالسلوك : وزارة الداخلية ، وزارة التربية والتعليم ، وزارة الثقافة والإعلام ، الهيئة العامة للسياحة والآثار ، هيئة حقوق الإنسان ، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
كم عاما نحتاج لكي نتحضر ونتحلى باللباقة والنظام والتنظيم واحترام الوقت؟ 100عام ..أم أكثر؟ ما الذي يدفعنا إلى التحول فجأة إلى ''مؤدبين'' في الخارج ، وما نلبث إلا أن ننتكس إلى سابق عهدنا ونلغي كل قواعد الأدب والاحترام حالما نعود إلى الوطن؟ هل السلوك ''موجات'' يلتقطها دماغك بحسب البلد الذي تنزل فيه، كما يلتقط جوالك ''شبكة الاتصالات'' التي تغطي البلد الذي هبطت على أرضه؟ أم أن السلوك ''هرمونات'' يفرزها جسدك حسب الموقع الجغرافي؟
أسئلة أطرحها .. وأنا لا أزال أعاني – كحال المصفوعين منكم - من ''الصدمة الحضارية'' التي لفحتني منذ عودتنا إلى الديار. فبعد أن جربنا فوائد السفر ''السبع'' - شرقا أو غربا- ولمسنا التعامل الراقي لدى أجناس أخرى من البشر تختلف عن ''الجنس البشري'' في مجتمعنا، شعوب تتعامل بقيم الإسلام رغم أنها لا تدين بالرسالة المحمدية.
لقد كان علية القوم في الماضي يعهدون بتربية أبنائهم إلى ''المؤدبين''. كان ''المؤدب'' (بكسر الدال) خبيرا في التربية والسلوك يعلم الفتى الآداب العامة وأصول التعامل. جاءت المدارس لكن افتقرت مناهجها إلى تعليم أبنائنا وبناتنا قواعد السلوك وأصول التعامل. ''مناهج'' التعليم للأسف مشغولة بالحشو والتلقين بين الضروري وغير الضروري. لم نتعلم من معظم ''المناهج'' العادات أو السلوكيات الحسنة. تعلمناها من أهالينا ومعلمينا الواعين. تعلمت من أبي – رحمه الله - وأمي ومعلمي – حفظهما الله - قيما نبيلة وعادات حسنة تضبط سلوكي وتصرفاتي أمام الله والبشر. لكن هل كل الأهالي والمعلمون.. ''واعون''؟
وعلى ذكر المدارس، فقد شهدت مدارسنا قبل سنوات برنامجا غير مألوف عليها هو ''برنامج التربية السياحية المدرسية'' (ابتسم). وكان البرنامج الذي أطلقته الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم يهدف إلى إعداد جيل يحمل مفاهيم وممارسات إيجابية يحث على حسن المعاملة. لا أدري .. إلى أي مدى حقق برنامج ''ابتسم'' من نجاح؟
لكني أقر وأعترف بكل حسرة أن ''المشكلات السلوكية'' التي يعاني منها أفراد كثر في المجتمع السعودي تنوء بحملها وزارة التربية وهيئة السياحة وكافة الجهات الحكومية. فنحن نحتاج إلى ألف برنامج من نوع ''ابتسم''، ومن نوع ''تهذب'' ، ومن نوع ''احترم نفسك'' .. برامج ''عامة وشاملة'' تسعفنا في ''إعادة برمجة'' أدمغتنا ثقافيا وسلوكيا ، تكفل لنا حضاريا التعامل مع بعضنا البعض قبل أن نفكر في استقبال أي سائح ..
إننا نحتاج إلى مبادرة ''شعبية'' للتغيير تؤدي بنا إلى ''صحوة سلوكية'' نستعيد فيها مكانتنا المفقودة بين الأمم المتحضرة .. فمقعد ''خير أمة'' لا يزال شاغرا..
عادات ''ستيفن'' السبع
ُتعرف ''العادة'' بأنها نمط معين من السلوك يمارسها الفرد بانتظام. قد تكون عادة حسنة أو سيئة. وثمة فرق بين العادة والتقليد. فالحضور في الموعد المحدد عادة (حسنة) ، فيما إكرام الضيف تقليد (حسن). إذن، يتضح أن العادة ترتبط بالروتين اليومي، فيما يرتبط التقليد بالمناسبات.
أما ''ستيفن كوفي''، فقد علمنا سبع عادات حسنة اتخذناها نبراسا للنجاح في العمل والحياة. فقد غير ذلك الخبير الأمريكي في الإدارة والسلوك حياة أكثر من 15 مليون شخص – أنا واحد منهم -قرأوا كتابه الشهير ''العادات السبع للناس الأكثر فعالية''، الذي صدر عام 1989م.
بفضل ذلك الكتاب، اكتسبت كغيري سبع عادات حسنة: (1) كن مبادراً (2) ابدأ والغاية في ذهنك (3) ابدأ بالأهم قبل المهم (4) فكر بالخير للجميع ''الفوز المشترك'' (5) افهم أولا، لكي يفهمك الآخرون (6) تكاتف مع الآخرين (7) اشحن نفسك بالطاقات المختلفة ''اشحذ المنشار''.
لن أخوض في تفاصيل هذه العادات. فأنا أنصحكم بقراءة الكتاب الذي أعيد قراءته كلما تعرضت إلى ''صدمة حضارية''، ففيه خير مواساة في زمن أضحى فيه ''التخلف'' سلوكا عاديا.
''ستيفن'' بدأ من أمريكا وعلمنا عادات إيجابية. ترى لو بدأ حياته من السعودية، لربما كانت له طريقة أخرى في معالجة العادات. لربما علمنا كيف نقلع عن عاداتنا السبع السيئة التي مثلناها في سبع بالونات (الشكل 1) ، وتعد جزءا لا يتجزأ من تخلفنا العربي.
أما أنا فسأمثل ''المصدومين حضاريا''، وأدخل على ''ستيفن كوفي'' (78 عاما) في مكتبه في الجامعة. أقبل رأسه الهرم توقيرا. إذ تعلمت من والديّ ومن معلمي أن أحترم الكبير وأعطف على الصغير. سأقف أمامه وأرمي عليه ''عقالي''، وأصرخ صرخة تهز الحرم الجامعي: ''داخلن على الله ثم عليك.. يا طويل العمر''. أناول يمينه معروضا فيه شكواي وإليه المشتكى: علمتنا سبع عادات حسان.. علمنا بحق ربي وربك كيف نتخلص من عاداتنا السبع غير الحسان:
1. الفوضوية
2. انعدام اللباقة
3. عدم احترام الوقت
4. النقد غير البناء
5. الكسل والسلبية
6. الفضول
7. إهمال السلامة
.. غدا نستكمل الجزء الثاني..
كاتب ومتخصص في إدارة الموارد البشرية.