مع نفسك!!

وقد تراها على خلفية كامري أو ألتيما أو سوناتا مكتوبة كما يلي: M3 Nafsk!
وانتشار هذه العبارة لم يأت من ''فراغ'' لا سمح الله! بل إن العبقري الذي أطلقها في المجتمع مدرك تماماً لأبعادها ودقة وصفها لما يجري مع من في عمره. وطالما أن هناك توجها رهيبا لنشر مفهوم الفئوية.. أقترح أن يتم إضافة فئة ''مع نفسك'' لباقي فئات المجتمع المعاصر.
الآن آن لنا أن نتساءل ونقول: من أنتم يا.. ''مع نفسك''؟!
الجواب: فئة ''مع نفسك'' هم شباب/شابات منفصلون/منفصلات جزئياً، أو كلياً في أحيان، عن واقع القيد المجتمعي! فهم على تواصل دؤوب مع مجتمعاتهم الأصغر والأكثر أهمية. وهي ''قروبات'' تتشكل في عالم رقمي في الغالب. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مجتمع البلاكبيري، الآيفون.. وغيرها من برامج التواصل مثل الواتس آب، يوك.. وغيرها. وتكفل هذه المجتمعات التواصلية الضيقة مرونة أكبر من تلك التي كان يكفلها برنامج مثل الماسنجر. فالأخير مرتبط بأجهزة كمبيوتر، ومهما طالت العزلة يمكن للأهل أن يتدخلوا من خلال طرق باب الحجرة أو حتى فصل كيبل الإنترنت!
السبب في الاختلاف طبعاً هو الهواتف الذكية، وما أتاحته هذه الأجهزة الرهيبة من إمكانية نقل نفسك مع مجتمع نفسك.. لك ومعك في كل مكان تقريباً! وبالحديث عن فئة الشباب تحديداً، عليك أن تعلم أن من عبّر عن هويته الفئوية في خلفية السيارة قائلاً إنه ''مع نفسك''، هو في الغالب شاب مسالم لا يريد سوى أن يترك وشأن نفسه! مفصحاً لك أيضاً عن أنه عندما يتلبس حالة ''مع نفسك''، فإنه يجد فرصة لإظهار صورته في البروفايل كما يشاء ومتى شاء، يستطيع أن يقول رأيه، يستطيع أن ينتقد شيئاً مما يدور حوله، ناهيك عن ارتباطه بمجموعة تشاركه عدداً من الاهتمامات. وأرجو ألا يتم الخلط بين هذه الفئة وفئة ''الكدش''.. فالفرق مهول، وأيسرها وأجلاها وضوحاً في الاختلافات هي انتباه الكدش المفرط للمجتمع المحيط، بل سعيهم الصريح إلى لفت أنظار مجتمعهم بالهيئة الخارجية من لباس وسيارة وغير ذلك. وهذا ما لا ينطبق على فئة ''مع نفسك'' الحقيقية، وقد لا يلفت انتباهك في هيئتهم أي لافتٍ.. ولا في سياراتهم، بخلاف ملصق ''مع نفسك''، وانكفائهم الطويل على هواتفهم الذكية.
''مع نفسك'' الفئة، هي نتاج طبيعي للمساحة المرنة للعالم الافتراضي.. مقابل قسوة العالم الواقعي وقيوده الاجتماعية. وهي فئة شباب حديثي السن جداً الآن، ولكنهم مستقبلاً أزواج وآباء وجيران.. إلخ. ومن المهم جداً العمل على تمرير جرعات من الواقع الاجتماعي الأشمل لهم، وهذا خارج إطار الحياة المدرسية والجامعية. فمواجهة العدوانية المستشرية في الواقع، التي دفعتهم ليكونوا ''مع نفسك''، تحتاج لتهيئة وعمل حثيثين من المكون الأقرب لهؤلاء.. وهي الأسرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي