تعزيز أداء الاقتصاد السعودي في المؤشرات الدولية
الاستثمارات الأجنبية
السمة البارزة للاقتصاد السعودي هذه الأيام نجاحه في تعزيز موقعه على مختلف المؤشرات الدولية؛ الأمر الذي يعكس تنامي التقدير العالمي للسياسات الاقتصادية للمملكة. ينطبق هذا بالضرورة على أداء السعودية في مؤشر التنافسية الاقتصادية والحال نفسه مع تقنية المعلومات. طبعا يضاف إلى ذلك تربع السعودية على عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة على مستوى غرب آسيا، كما حصل الاقتصاد السعودي حديثا على توقعات إيجابية لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011.
التنافسية الاقتصادية
بالنسبة للمؤشرات الدولية، فقد نجحت السعودية بالتقدم أربع مراتب، أي الأفضل بين دول اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وعليه حلت في المرتبة رقم 17 دوليا على مؤشر التنافسية الاقتصادية لعام 2012-2011، الذي تم الكشف عنه حديثا. فقط قطر بين دول مجلس التعاون الخليجي حققت نتيجة أفضل من السعودية بحلولها في المركز رقم 14 عالميا. استند الأداء النوعي للسعودية إلى أمور جوهرية من قبيل استقرار الاقتصاد الكلي بالنظر لبقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا لفترة زمنية؛ الأمر الذي يكتسب أهمية خاصة كون السعودية أكبر دولة تصدر النفط الخام.
يتميز تقرير التنافسية الاقتصادية باعتماده منهجية علمية وتحديدا 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسة، هي: أولا الركائز الأساسية، وثانيا محفزات الكفاءة، وثالثا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. في المقابل، يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. كما يتكون محور التطور والابتكار من ركيزتي تطور الأعمال والابتكار.
تقنية المعلومات
تتمثل المنهجية المستخدمة في صياغة مؤشر التنافسية العالمية في جمع المعلومات العامة المتوافرة، إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال. يشار إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا يقوم بإصدار تقرير التنافسية الاقتصادية، وبالتالي جهة لها مكانتها الدولية.
كما تقدمت السعودية خمس مراتب للمرتبة الـ33 على مستوى العالم على مؤشر جاهزية الشبكات ضمن تقرير تقنية المعلومات العالمي لعام 2011- 2010 ومصدره جامعة إنسياد لعلوم إدارة الأعمال والأبحاث والمنتدى الاقتصادي العالمي. وتمكنت السعودية من تحسين ترتيبها الدولي على خلفية الاستثمار على التعليم، بل يتوقع أن تتمكن السعودية من مواصلة تعزيز ترتيبها الدولي لأسباب تشمل تركيز خطة التنمية التاسعة التي تغطي الفترة ما بين 2010 و2014 على التدريب والتطوير. وتشمل بعض التفاصيل المثيرة للخطة افتتاح 25 كلية تقنية جديدة وتجهيز 28 معهدا تقنيا عاليا، فضلا عن 50 معهدا مهنيا صناعيا. ومن شأن المعاهد الجديدة في حال افتتاحها جعل الاقتصاد السعودي أكثر اعتمادا من قبل على المعرفة والتقنية؛ الأمر الذي من شأنه تطوير ترتيب المملكة على مؤشر جاهزية الشبكات.
الاستثمارات الأجنبية
إضافة إلى ذلك، استقطبت السعودية استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 28.1 مليار دولار في عام 2010، أي الأولى بلا منازع بين دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي، بل منطقة غرب آسيا برمتها. وتجلى ذلك في تقرير الاستثمار العالمي لعام 2011 وجهته مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
يعود جانب من هذا الأداء المتميز بشكل عام على خلفية انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية في نهاية 2005 وما صاحب ذلك من تحسينات وتطويرات للقوانين والتشريعات الاقتصادية للمملكة التي شملت فتح قطاع الخدمات المالية أمام المنافسة الأجنبية. من جملة الأمور، قررت السلطات السعودية تقليص عدد الأنشطة المحظورة للمستثمرين الأجانب فيما يعرف بالقائمة السلبية.
النمو الاقتصادي
فيما يخص نمو الاقتصاد السعودي، يتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نمو قدره 6.5 في المائة للناتج المحلي الإجمالي لعام 2011 مقارنة بـ4.1 في المائة في 2010، فضلا عن 0.1 في المائة في 2009. تعتبر نسبة النمو لعام 2011 الأسرع في غضون ثماني سنوات. الجدير ذكره، الأرقام المشار إليها هي الحقيقة أي المعدلة لمتغير التضخم. وعلى هذا الأساس، يحل الاقتصاد السعودي في المرتبة الثانية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بعد قطر بالنسبة للنمو الاقتصادي للعام الجاري. حقيقة القول، يتربع الاقتصاد القطري على عرش النمو الاقتصادي الخليجي منذ فترة زمنية على خلفية الاستثمار في مختلف القطاعات، خصوصا الغاز.
ويعود الأمر جزئيا لتوجه السعودية لصرف مبالغ إضافية على الميزانية العامة قدرها 130 مليار دولار على مختلف الأمور المعيشية والاجتماعية من قبيل بناء مساكن جديدة وتقديم علاوات للعاطلين وتسهيلات مختلفة للمواطنين. تتضمن حزمة الأموال تخصيص 47 مليار دولار في 2011 و35 مليار دولار في 2012، أي المدى القصير جدا. بكل تأكيد تضاف هذه النفقات للميزانية العامة للسنة المالية 2011 وقدرها 155 مليار دولار.
باختصار، نحن أمام حالة جديدة وجدية لأداء الاقتصاد السعودي على مختلف الأصعدة تتمحور حول تعزيز الاقتصاد الكلي في ظل محافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة.