أنديتنا هل خذلت منتخبنا؟

مهما تقدم العمر بالإنسان يبقى ارتباطه بالرياضة قويا، ويزداد قوة إذا تعلق الأمر بسمعة الوطن. وخلال فترة ليست بالقصيرة أصبحت الرياضة السعودية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، حديث الجميع خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمنتخب السعودي والآمال التي يعقدها الجميع عليه لإبراز صورة المملكة المشرقة في المجال الرياضي.
منذ فوز منتخب المملكة ببطولة آسيا عام 1984م أي قبل 27 سنة تقريباً، وتميزه في مشاركته الأولى في كأس العالم، والقلوب معلقة على أمل تطوير هذا الأداء، ولكن خلال تلك السنوات والأمور من سيئ لأسوأ حتى فقد القلب قدرته على الأمل، وتضاءل الأمل إلى حد الانحسار وبدأت الطرق المؤدية للأمل تغلق.
صحيح أن عمر الفرد منا يتقدم والأمل مع مثل هذه الظروف يتأخر حتى وصل إلى حد نقد الذات حول التعلق بأمل الرياضة وخصوصاً كرة القدم في دعم وتعزيز صورة المملكة العالمية، خصوصاً إذا عرفنا أن كرة القدم كانت وما زالت أحد أهم الأدوات للتعريف بالوطن ووضعه على خريطة العالم، كما أن التقدم التقني والتواصل العالمي من خلال مختلف وسائل الاتصال والتواصل جعل العالم قرية صغيرة يعرف الكل فيها الكل وعلى رأسها كرة القدم.
في هذه الومضة الشخصية مع الحالة الرياضية للمنتخب السعودي لكرة القدم وما يتعرض له من تدمير مع كل المحاولات الجادة إلى انتشاله وإعادته إلى المسار الصحيح وإعادة انطلاقه وفقاً لما كان يأمل له قبل 27 عاما مضت، ومن خلال متابعة غير دقيقه لكثير من الحوارات الرياضية عن هذا الحال المزري للمنتخب وتأخر نتائجه وضعف عطائه مع قوة العطاء الممنوح له من خلال كل الإمكانات المسخرة له، وتطور الكثير من المنتخبات التي كان المنتخب السعودي يفوز عليها بالستة والسبعة أهداف، أصبح يرهبها ويخاف من هزيمتها الشرسة له.
كل هذه الأحوال المزرية التي يمر بها المنتخب السعودي لكرة القدم، والاستماع لكثير من الحوارات الرياضية والشخصية عن الأسباب التي أدت إلى تخلفه وعدم القدرة على الارتقاء به، طرح الكثير من الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومع كثر ما طُرِح إلا أنني وكشخص غير متخصص أو متابع بشكل دقيق، أجد أن أحد الأسباب الحقيقية لهذا الضعف هو ضعف انتماء لاعبي الأندية للمنتخب وعدم الإحساس بفهم أهمية سمعة هذا المنتخب التي تؤثر سلباً أو إيجاباً في سمعة المملكة العربية السعودية.
إن القراءة المتأنية لهذا الضعف الانتمائي للمنتخب على حساب قوة الانتماء للنادي تبين انه لم يأت بين يوم وليلة، ولكنه جاء نتيجة دخول أشخاص للأندية يعززون هذا الانتماء ويحرضون اللاعبين على الاهتمام بأنفسهم والبعد عن الإصابات، ويؤكدون عليهم أن رزقهم ومستقبلهم مع أنديتهم وليس مع المنتخب. وعزز هذا التحريض استمرار دوري الأندية خلال مشاركة المنتخب في بعض البطولات الدولية أو القارية.
إن أسباب التحريض ومشاركة المنتخب ضمن فترة البطولات المحلية أوجدت جيلا من اللاعبين ذوي الميول للأندية وتعزيز مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة وسمعة الوطن ككل، حتى إن هناك لاعبين متميزين أصبحوا معروفين للجميع أنهم لاعبو أندية وليسوا لاعبي منتخبات، وأن مشاركة أي واحد منهم في المنتخب لن تستمر أكثر من مباراة أو اثنين، وسيغادر المنتخب بكرت أحمر أو إيجاد مشاكل مع إدارته أو زملائه حتى يطرد من المنتخب ويعود بكل برود أعصاب للعب في ناديه. وإذا صدر ضده أي عقاب نتيجة مثل هذا التصرف الأناني فإنه يضمن سرعة رفع العقوبة وصدور عفو عنه لأي مناسبة وطنية مع أنه لم يحترم ويرع حق الوطن عليه.
إن زرع وتعزيز الانتماء للأندية على حساب الانتماء للوطن ظاهرة خطيرة عززها ضعف انتماء بعض رؤساء الأندية لوطنهم لأسباب عديدة، وزاد من ذلك سوء تطبيق نظام الاحتراف، هذا النظام الذي له دور أيضاً في تعزيز الأنانية الفردية لدى اللاعب وإدارة ناديه. والمتابع لهذا التدهور في العلاقة الانتمائية بين النادي والمنتخب، يلاحظ أيضاً دور بعض أعضاء الشرف في دعم تعزيز الانتماء للأندية مقابل الانتماء للمنتخب.
إن تدهور وضعف انتماء بعض اللاعبين وعدم رغبتهم في اللعب للمنتخب الوطني لمصلحة أنديتهم، أصبح ظاهرة لا يمكن إنكارها أو عدم الاعتراف بوجودها أو الاعتقاد أنها ليست سببا من أسباب تدهور مستوى المنتخب السعودي خلال السنوات الماضية. ونقطة النقاش الجوهرية هي معرفة أسباب هذا العزوف من بعض اللاعبين، وهل حقيقة أنه الحرص المادي، أو التحريض الإداري، أو ضعف الانتماء للوطن لأسباب أخرى، أو هناك أسباب لم تتضح لي وللعديد من المحاورين في هذا الشأن؟! وأخيراً مهما كانت الأسباب والمسببات فيجب معرفتها ومعالجتها حتى يعود المنتخب السعودي كما كان، وما يجب أن يكون في المستقبل، ويشارك في دعم إبراز دور المملكة في مجال الرياضة مع بقية المجالات الأخرى، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

وقفة تأمل:
''إذا الخل لم يهجرك إلا ملالة
فليس له إلا الفراق عتاب
إذا لم أجد في خلة ما أريده
فعندي لأخرى عزمة وركاب
بمن يثق الإنسان فيما ينوبه
ومن أين للحر الكريم صحاب
تغابيت عن قومي فظنوا غباوتي
بمفرق أغبانا حصى وتراب

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي