ليس دفاعاً عن وزارة التعليم العالي (1 من 2)
يمكن وصف الشهرين الماضيين بأنهما شهرا الهجوم على وزارة التعليم العالي، وبشكل خاص على برامج الابتعاث، فغالبية ما طرح خلال هذين الشهرين من مقالات وأخبار وتصريحات حول الابتعاث، لم يكن نقداً علمياً لبرامج الابتعاث، بقدر ما كان هجوماً حمل من الإثارة واستفزاز المجتمع الشيء الكثير، فعممت حوادثُ فردية دون دليل، وتم تجاهل منافع الابتعاث بشكل كلي. والغريب أن معظم الهجوم الذي تعرضت له برامج الابتعاث تركز على بلدين، هما الأنجح والأفضل مخرجات ، وهما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
هذا الهجوم كانت له أهدافٌ متعددة، بعضها نابع من الخوف مما قد ينتج عن الابتعاث من مضار عقدية وأخلاقية، خاصة للمبتعثين من حملة الشهادة الثانوية، والبعض كان يرى أن ما يُصرف على برامج الابتعاث يجب أن يحول جزءٌ كبيرٌ منه لدعم الجامعات والكليات الأهلية.
هذا الهجوم على الابتعاث، لم يتطرق إلى واقع المبتعثين في جامعات دول عربية، مستواها التعليمي أقل بمراحل من مستوى التعليم في المملكة، وبعضها يشهد اضطرابات ومشكلات أمنية خطيرة، فهذا الوضع لم يُطرح للنقاش بشكل جاد، رغم أن جامعات هذه الدول تكاثرت بشكل سريع، وعينها على الطالب السعودي، فتصطاده بإعلاناتها، وبتخصصات علمية من الصعب أن تفي بمتطلباتها، إلا بعد أن قتل مبتعثٌ سعودي في اليمن، حيث وجه البعض اللوم إلى وزارة التعليم العالي.
وقد أحسنت وزارة التعليم العالي أن أوضحت على لسان وكيل الوزارة لشؤون البعثات الدكتور عبد الله الموسى أنه لم يكن هناك ابتعاث إلى جامعات الدول العربية، وإنما كان هناك إلحاق بالبعثة، وأن الوزارة منذ عامين لم تمنح الموافقة على دراسة أي طالب في الجامعات والكليات العربية، كما أن الوزارة سبق أن شكّلت لجاناً داخلية، وذهبت إلى الدول المجاورة، وخيّرت الطلاب بالعودة لها، أو نقل بعثتهم إلى داخلية أو إلى دول أخرى. وأشار إلى أنه سيتم إنهاء دراسة السعوديين في الدول العربية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
إن برامج الابتعاث في حاجة إلى النقد البناء الذي يسعى إلى معالجة ما يوجد من قصور، وهذا النقد لا يمكن أن يتحقق بالمطالبة بالإلغاء، أو إثارة الرأي العام، وإنما بمعالجة مكامن الخلل، ومهما كان هناك توسع في برامج التعليم العالي في الداخل، إلا أن ذلك لا يمكن أن يلغي أهمية الابتعاث إلى الدول المتقدمة، وهذا أمر أدركته منذ عقود دولٌ لا تشكو ضعفا في تعليمها، أو عدم قدرة على استيعاب طلبتها، وإنما تبحث عن الاستفادة من تجارب الآخرين، وإلا لما وجدنا طلاباً من اليابان والصين وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول، يتلقون تعليمهم في الجامعات الغربية، جنباً إلى جنب مع طلابنا.