ليس دفاعاً عن وزارة التعليم العالي (2 من 2)

في المقال السابق أشرتُ إلى ما تتعرض له برامج الابتعاث من هجوم، كما أشرت إلى الموقف الحازم الذي أعلنت عنه وزارة التعليم العالي بخصوص الدارسين في الدول العربية، وهو موقف سيؤدي إلى إغلاق كثير من الجامعات التجارية التي أنشئت، وعينها على الطلبة السعوديين.
برامج الابتعاث التي تبنتها الدولة بعد دراسة، ويجري تطويرها في كل مرحلة، لا يمكن أن توقفها حملات التشكيك، أو دعوات الإلغاء، إلا أن هذه البرامج بحاجة إلى النقد البناء الذي يسعى إلى معالجة أوجه القصور ومكامن الخلل، وهذا ما لوحظ فيما نشر من نقد لأداء المشرفين الأكاديميين، وتأخرهم في التجاوب مع تساؤلات الطلبة والطالبات، ونال المشرفون في الولايات المتحدة الأمريكية نصيبٌ كبيرٌ من هذا النقد، وكان سبب هذا القصور في المتابعة الأكاديمية للطلاب المبتعثين هناك، ارتفاع أعداد المبتعثين بشكل كبير ومتسارع، حتى بلغ عددهم مع مرافقيهم 63 ألفا في الولايات المتحدة وحدها، قابل ذلك قلة عدد المشرفين، وهذا واقعٌ لا يُنكر، ويتحدث عنه المسؤولون في الوزارة بشكل علني.
هذا الأمر عالجته وزارة التعليم العالي عبر إنشاء البوابة الإلكترونية التي تتيح للطلاب والطالبات إنهاء معاملاتهم في وقت سريع، بل وتتبع مسار هذه المعاملات، وقد أحدثت هذه البوابة انفراجاً كبيراً، وحلت إشكالية كانت مصدر قلق كبير للطلاب، وكانت تدفع كثيرين منهم للذهاب إلى واشنطن لمتابعة معاملاتهم.
ولعل نجاح البوابة الإلكترونية في حل مشكلات المبتعثين، وتسريع إنهاء إجراءات معاملاتهم، حافزٌ ليتم نقل الإشراف الأكاديمي إلى الداخل، وزيادة أعداد المشرفين، بعيداً عن القيود الدبلوماسية التي تعوق إرسال أعداد كبيرة منهم إلى دول الابتعاث، بحيث يصبح الإشراف الإلكتروني من الداخل، ومن هم موجودون في تلك الدول من المشرفين، يتولون الإشراف الميداني، ومتابعة ما يتعرض له الطلاب من معوقات أو إشكالات.
كما أن من المهم مع ارتفاع أعداد الطلاب في بعض الدول الغربية أن تُفتح مجالات الابتعاث إلى دول أخرى مشهودٌ لها بالمكانة العلمية، ومنها الدول الإسكندنافية.
لقد أثبت الابتعاث جدواه فيما نشهده من تميز عديد من الطلبة والطالبات، الذين نشاهد إنجازاتهم ونقرأ عنها، والبعض منهم ومنهن استطاع أن يتفوق على طلاب دول متقدمة في ميادين الطب والهندسة، كما أن من حسنات الابتعاث ما يراه من يزور تلك الدول من وحدة تجمع أبناء الوطن الواحد، حتى لا تفرق بين من هو قادم من شمال المملكة أو جنوبها أو شرقها أو غربها أو وسطها، فكلهم كونوا نسيجاً وطنياً واحداً.
إن أكبر إنجاز لوزارة التعليم العالي هو قدرتها على إدارة هذا العدد الكبير من المبتعثين في خمس من قارات العالم، وهي مهمة تضاف إلى ما تقوم به الوزارة من مهام كبيرة في الداخل.
أما أبناؤنا المبتعثون، فسنجد منهم بعد عودتهم، أطباء ومهندسين ومتخصصين في مجالات التقنية، كما سيسد عددٌ كبيرٌ منهم نقصاً تراكم عبر السنين في المحاضرين وأساتذة الجامعات، وسنجد في هؤلاء المبتعثين بعد عودتهم، مع خريجي جامعات الداخل، عاملَ ضغطٍ قويا، يُساهم في دفع القطاع الخاص للقيام بمسؤولياته تجاه الوطن وأبنائه، بدلا مما نراه من ممانعة، رغم ما يُقدم لهذا القطاع من إغراءات كبيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي