هل تحقق قرارات الجامعة العربية السلام في سورية؟

اتخذ وزراء الخارجية العرب عدداً من القرارات يوم 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري بشأن الموقف السوري. والسؤال الذي يسبق تحليل هذا القرار هو ماذا تريد الجامعة العربية من سورية وما هو منهج معالجة الوضع فيها؟
لا شك أن الجامعة العربية نشأت كي تسهر على خدمة القضايا العربية وهذا هو المنطلق الذي يراه المراقب من تدخلها في المسألة السورية وقد لوحظ إنها تأخرت كثيراً وجاء موقفها لاحقاً على موقف مجلس التعاون وبعض دوله وبخاصة السعودية التي أعلنت عن قلقها من استمرار أعمال القتل وإراقة الدماء فكان ذلك كافياً لكي يخلق موقفاً عربياً عاماً دفع الجامعة العربية إلى التحرك. ولكي يتابع القارئ معنا تحليل قرار الجامعة الأخير ويتفهم تقييمنا له يجب أن نحلل الموقف في سورية وحول سورية بشكل أدق واضعين في الاعتبار أن الجامعة العربية في نظر الرأي العام العربي تتأرجح بين عدم الفاعلية أو الشك والريب وهذه حقيقة تعرفها الشعوب العربية قبل الحكام العرب.
هناك حقائق لا يمكن الإفلات منها عند تحليل الموقف السوري. الحقيقة الأولى، أن الربيع العربي كان يداعب الشعب السوري، ولكن النظام في سورية لا يقبل المداعبة فظن أن هذه المداعبة مؤامرة على الوطن فكانت قسوته في مواجهة الشعب الغاضب صدمة بالنسبة لنا جميعا لأننا كشعوب لنا عشم عند حكامنا أما القسوة فإنها تقطع العشم كما تقطع حبل الود فحاول الشعب أن يدافع عن نفسه وتساقط من الجيش بعض العناصر نحو الشعب فاتسعت الهوة بين بعض الشعب والسلطة ولم نعد نرى في سورية سوى مشهد القتل والتمثيل والعمليات الحربية التي لا تدار إلا ضد الأعداء حتى تندر بعضنا من أن الجيش السوري الباسل كان يجب أن يوجه حرابه نحو إسرائيل، ولكن يبدو أن القيادة السورية قدرت أن قمع الفتنة يحافظ على سلامة الجسد وأولى بالاهتمام من مواجهة إسرائيل التي لها حساباتها. هكذا وقعت السلطة والشعب أسرى انقطاع حوار بناء وكلما زاد عدد الشهداء كلما كان ذلك عند النظام دليل على البسالة في الدفاع ضد أعداء الوطن، بينما عند الشعب يشير عدد القتلى إلى إجرام النظام. ثم دخلت الجامعة العربية على الخط والنظام مسكون بالشك في الوسط العربي، كما أن الجامعة مدفوعة بقلق الشعوب العربية من إراقة الدماء ومن القلق من التدخل الأجنبي وقدمت الجامعة مبادرة لم يتم تطبيقها بحكمة كما أن المبادرة لم تراعِ حساسية الموقف الشعبي والرسمي من الجامعة فرفضت من المعارضة باعتبارها ضعيفة ولكنها قبلت من النظام تارة على سبيل المناورة وربما في أحسن الأحوال لمعالجة الموقف في إطار عربي. ولكن قرار الوزراء العرب الأخير وإن ترك انطباعاً عاماً بالحزم إلا أنه فارقته الحكمة فكانت حصيلته أن القضية المطروحة هي التمهيد للتدخل الدولي في سورية وليس حقن دماء السوريين. كان يتعين على الجامعة أن تبدأ بإرسال لجنة لتقصي الحقائق حتى تعلن للعالم من مصدر مستقل عما يحدث في سورية وإن كانت مؤامرة حقاً احتشد العرب لصدها وإن كانت المؤامرة ذريعة لقتل الشعب احتشد العرب لحماية الشعب فإلى أين تتجه سورية بعد هذا القرار؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي