أين ولي أمرك يا أختي؟

أعتقد أن لعشق المرأة السعودية المفرط للتسوق علاقة وطيدة بكون السوق هو المكان الوحيد تقريباً، الذي تستطيع فيه البت والحل والربط دون أن يسألها أحد: "وين ولي أمرك"؟ أو: "زوجك معاكي"؟ أو: "ليش ما معاكي أحد"؟! وهناك، في السوق أو المول، لها أن تشتري دون صكوك! ولها أن تستبدل دون مرافق! ولها أن تسترد دون وثيقة!
أتساءل دائماً: لماذا لم تلزم وزارة التجارة المرأة السعودية باصطحاب (ولي أمرها) عند ذهابها لشراء لابتوب؟ أوليست الوزارة جهازاً حكومياً يسري عليه ما يسري على باقي الوزارات والأجهزة التي تشترط حضور ولي للأمر عند أي إجراء؟ هذا ما تفعله وزارة الصحة، الشؤون الاجتماعية، العمل إلخ! أظن أن لي العذر في التساؤل! فكيف نجت القوانين والعقود التجارية الفردية من معضلة (ولي الأمر)؟ لماذا لم تطلب وكالة السيارات من مريم، عندما اشترت سيارة جديدة، حضور ولي أمرها للتوقيع ولتسلّم عقد الضمان الساري لأعوام ثلاثة؟ ولماذا لم تشترط شركة بيع الهواتف النقالة أن يحضر ولي أمر نوف عندما اشترت هاتفاً "ذكياً" أو حتى تبادر لسؤالها: وين الوالد يا أختي؟ ولماذا لم تجبر أملاً وهنداً على إحضار (وكالة للتسوق) عندما اشترتا فساتين لحضور زفاف ابنة خالتهما التي اشترت، بدورها، ذهباً بمائة ألف ريال دون حضور ولي أمر!!!
كلنا، تقريباً، يعلم يقيناً أن بطاقة الهوية المدنية للمرأة لم تحل الكثير ولم تغن عن كثير من يسير! وأنها توقفت عند حدود البرواز الحقوقي المدني الجمالي لصورة غير واضحة الطباعة! وأن المرأة السعودية لا تزال محصورة في دائرة عنوانها (ينقصني الكثير)!
ربما لم يدرك البعض ما ترتب على فرط اقتران الولاية بالأنثى وشأنها من تبعات! وما سبب هذا من إنهاك لأولياء أمور الإناث في المعاملات الرسمية المنوه عنها سابقاً. وربما لم يتخيل أحد ماهية الوضع لو اقترنت العقود التجارية الفردية بالولاية على الأنثى وإلزاميتها!
تخيلوا ما يلي:
اشترت هناء حذاء لابنها عادل. وعندما عادت للمنزل، اكتشفت أن الحذاء الأيمن مقاس 36 (تمام)، بينما الحذاء الأيسر مقاس 34!!! وعندما عادت للمحل لاستبدال "الفردة" الخطأ، بادرها البائع قائلاً: وين ولي أمرك؟ فأجابت هناء: كان هنا لما اشترينا الحذاء! البائع: أدري! شايف توقيعه على الفاتورة، ومرفق معاها نسخة من بطاقة العائلة! بس حتى في الاستبدال، لازم حضور ولي الأمر! هناء: طيب لو حبيت أسترد قيمة السلعة! لازم يجي زوجي؟ البائع: طبعاً، هذي أصلاً مفروغ منها! ولازم يجيب البطاقة الأصل مرة ثانية... عشان نرسل نسخة مطابقة للإدارة المالية بأنه موافق على أنك موافقة على استرداد المبلغ.. مو الاستبدال!! وبالله لا تعطلينا يا أختي! وراكي في الطابور أولياء أمور كثير مستوفين ومطابقين لشروط الشراء والاستبدال والاسترداد!
ولكم أن تتخيلوا مئات المشاهد الأخرى!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي