ما المطلوب من قمة الخليج؟!
يختلف هذا المؤتمر عن غيره من المؤتمرات التي دخلت عقدها الرابع. هذا المؤتمر أتى بعد ثورات الربيع العربي. تحديات كبيرة أمام المؤتمرين؛ فمنطقة الخليج أصبحت ملتهبة أكثر مما كانت خلال العقود السابقة، كم كان لطف الله بدول الخليج كبيرا، أن حمى إحدى دولها من السقوط أمام التخطيط الفارسي الصفوي الذي استغرق قرابة ثلاثة عقود. بالطبع كانت هنالك مباركة أمريكية على ذلك التخطيط، ولكن فضل الله كبير أن تصرفت دول الخليج بدون إملاءات أو توصيات خارجية وحمت البحرين من الغزو الإيراني.
كم أتمنى من القادة أن ينظروا إلى ما كتبه الصحفيون المخلصون لوحدة الخليج وما دعت له الكثير من مؤسسات المجتمع المدني في دول الخليج في ضرورة تنفيذ الكونفدرالية الخليجية. قد يظن البعض أن هنالك دولة رابحة وأخرى قد يبدو أنها متضررة من تلك الوحدة، ولكن علينا أن نتذكر كيف أن الدول الأوربية ذات الثقافات المختلفة، بل والخلافات المتأصلة، قررت الاندماج في وحدة اقتصادية تحت عملة موحدة، ولم ير الألمان وهم الدولة الكبيرة والغنية، ضيرا من الاندماج مع دول صغيرة وذات مديونية عالية، بل إنهم دفعوا المليارات في تأهيل بعض الدول الأوربية الفقيرة حتى تدخل في المنظومة الأوربية. قرار الوحدة الأوربية لم يكن قرارا اتخذه القادة الأوربيون، بل كان اختيار شعوبهم. تلك الوحدة الأوربية أعادت بعض روح الشبابية للقارة العجوز. وهنالك همسة لا بد من التذكير بها أن الوحدة الأوروبية كانت ذات دوافع دينية مسيحية لوقف الزحف الآسيوي والإفريقي لتلك القارة، إضافة لدورها السياسي لتحقيق نوع من التوازن مع الهيمنة الأمريكية.
ما يطلبه المواطنون الخليجيون هو أن يشاهدوا وحدة خليجية مماثلة لتلك الوحدة الأوربية، فكم هو محزن أن يجلس المواطنون الخليجيون في حدود دولهم (المتعاونة) ساعات طويلة لإنهاء إجراءات السفر، ويعجبون عندما يدخلون كل الدول الأوروبية بفيزا (الشنقن)، دون أن يسألهم أحد، ويتنقلون من بلد أوروبي إلى آخر بسهولة وكأنهم في بلد واحد، لا تختلف عليهم إلا إشارة الهاتف النقال، لتخبرهم أنهم وصلوا دولة أخرى من تلك الدول الموحدة.
قبل إنشاء مجلس التعاون الخليجي هنالك بعض التعاون الثقافي المتمثل بإرسال المدرسين والدعاة ونحو ذلك، فكم أتمنى أن يكون هنالك تبادل ثقافي بين جامعات دول مجلس التعاون الخليج؛ فدول الخليج تستقدم مئات الأساتذة من خارج دول الخليج ولكن قلما تشاهد أستاذا خليجيا يتعاون مع جامعة خليجية!
وحتى نكون متفائلين فهنالك الكثير من القرارات والإجراءات التي أقرها المؤتمرون كانت ذات مردودات إيجابية، ولعل من أهمها إنشاء جيش درع الجزيرة، وكم نتمنى أن يعتنى بهذا الجيش وتضاعف أعداده وتكثف تدريباته ويجعل منه قوة لا يستهان بها تقوم بالمحافظة على وحدة دول الخليج وحمايتها.