القروض العاجلة

طالعتنا الصحف ووسائل الإعلام في الأيام الماضية بمجموعة من الأرقام والبيانات التي تشد الانتباه، فقد بلغ إجمالي عدد المتقدمين لصندوق التنمية العقارية نحو (2.3 مليون) مواطن، وبلغ عدد المتقدمين إلى برنامج حافز أكثر من مليوني مواطن، وبلغ عدد المستحقين لصرف الإعانة نحو (700 ألف) مواطن، وبلغ فائض الميزانية أكثر من (300 مليار) ريال. إن هذه الأرقام تتطلب من الجميع – كل في مجاله - النظر إليها بعين فاحصة وتفكير ناقد، والعمل بجد على دراستها وتحليلها، والبحث عن أبعادها ومسبباتها وعواقبها، وطرح الحلول المناسبة لها. ففي مجال الإسكان يعد تيسير الحصول على التمويل لامتلاك المسكن عن طريق القروض الحسنة؛ من أهم المتطلبات الاجتماعية. وقد أسعدتني مبادرة صندوق التنمية العقارية وفكرته بتقديم قروض عاجلة، بمبلغ (500 ألف) ريال دفعة واحدة للأفراد الذين يمتلكون أراضي وقاربت أرقامهم على الاستحقاق، بالتعاون مع البنوك المحلية، على أن يتحمل الصندوق قيمة المرابحة على القروض باقتطاعها من المبالغ المخصصة للتمويل لديه. وعلى الرغم من إيجابية الفكرة في تمكينها شريحة من المواطنين من الحصول على المسكن وامتلاكه؛ إلا أنها ستعمل على تآكل موجودات الصندوق.
لذا أقترح أن تتم الاستفادة من فائض الميزانية في تمويل القروض العاجلة عن طريق الصندوق، خصوصاً للموظفين الحكوميين، على أن يتم سدادها في عشر سنوات باقتطاعها من راتب الموظف بشكل شهري. وأن تتم أيضاً الاستفادة من فائض الميزانية لتنمية كفاءة سوق الإسكان وضمان استدامته، من خلال تقديم قروض للمطورين من القطاع الخاص مقابل اشتراط توفير نسبة محددة من الوحدات السكنية الميسرة بمواصفات وأسعار محددة، يتم توزيعها على المواطنين عن طريق الصندوق.
كما أعود وأكرر اقتراحي السابق بأن يتم توحيد التقديم على برامج الدعم الإسكاني وبرامج التمكين للحصول على المسكن جميعها (المشتملة على: قروض صندوق التنمية العقارية العادية أو العاجلة، ومنح الأراضي السكنية، والوحدات السكنية المنفذة من قبل وزارة الإسكان، وما قد يستجد غيرها من برامج الدعم) من خلال نظام "ميسر"، وأن يتم تطوير قائمة من معايير المفاضلة مع أوزانها بناء على مجموعة المتغيرات (الاقتصادية والديمغرافية والجغرافية والتنظيمية) ذات العلاقة، للمفاضلة بين المواطنين المتقدمين للحصول على الدعم الإسكاني وترتيب أولوية الأحقية للمتقدمين، وجدولتهم، وتصنيفهم تحت فئات مختلفة للحصول على وحدة سكنية جاهزة، أو على قرض، أو على منحة أرض، أو على ضمانات للحصول على قرض عاجلة، أو على غيرها من بدائل الدعم والتمكين الإسكاني. مع العناية بتوجيه الدعم للمواطنين الأشد حاجة. وأن يستخدم الدعم لإيجاد مساكن تراعي قضايا الاستدامة وخفض استهلاك الطاقة والمياه.
ختاماً، لنتذكر دائماً أن امتلاك المسكن يمنح الأسر السكينة والاستقرار النفسي والرفاه الاقتصادي والاجتماعي، كما أنه يعزز وجود طبقة الأسر متوسطة الدخل في المجتمع ويدعم استمرارها.

أستاذ العمارة والإسكان

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي