الإسكان وتغير الفكر

الإسكان بمفهومه الشامل ليس ما تحتويه الوحدات السكنية من بناء ومواد وميزانية فقط، ولكنه يشمل أيضا معنى أدق وأهم هو الأمن والاستقرار والانتماء، فالسكن هو الهاجس البشري الأول، فبعد توافر السكن الملائم يبدأ الإنسان رحلة التطور والتقدم والعطاء؛ لذا فإن تيسير الحصول على سكن هو أحد أهم عناصر جداول الأعمال التنموية والسياسية والاجتماعية، بل والفكرية أيضا.
وقد تعددت الأفكار والبرامج والسياسات التي تصب في القالب الهادف نفسه إلى توفير المسكن لأكبر عدد ممكن من المواطنين، وهنا أستشهد بتجربة بعض القطاعات الحكومية فهي تمثل نماذج ناجحة منذ سنوات عدة، مثال على ذلك إسكان (وزارة الدفاع والداخلية والحرس الوطني ووزارة الخارجية) وغيرها.. فهي عبارة عن بيئة سكنية آمنة متكاملة من الرعاية الصحية والتعليمية والترفيهية؛ فهي مدن صغيرة فيها كل ما تحتاج إليه الأسرة وشكلت نجاحا كبيرا؛ لأنها حققت فرصا سكنية لعدد كبير جدا من الموظفين آنذاك .
ومن هذا المنطلق نريد أن نستفيد من هذه التجارب ونوظفها بشكل عملي يتلاءم مع الظروف والإمكانات الحالية من خلال تطوير فكر الإسكان، بالإسراع بتطبيق وتنفيذ ما نقرأ ونسمع عنه بشكل يومي، فهناك تحديد المواقع وتوقيع العقود واستخراج التراخيص والخوض في بيروقراطيات مملة ومحبطة لكل من ينتظر تحقيق حلمه بالسكن، والنتيجة الأسئلة اليومية حول كل ما يخص العقار من تطبيق نظام الرهن أو فرض الرسوم على الأراضي البيضاء أو أو أو.. رغبة في انخفاض الأسعار.
وإذا علمنا أنه حتى لو انخفضت أسعار العقارات كما هو متداول فهذا لن يحل مشكلة الإسكان لعدد كبير من الناس؛ فاستقرار أسعار العقار وعدم رؤية الارتفاعات المهولة لا يأتي إلا بالتدخل الحكومي الفعال من خلال البحث عن حلول سريعة قابلة للتنفيذ، فمن الممكن أن توفر كل جهة حكومية سكنا لجميع موظفيها دون استثناء من خلال الاستفادة من المساحات والميزانيات الموجودة لديها بتحويلها إلى وحدات سكنية تمثل امتدادا لما تم إنجازه منذ أكثر من 30 عاما وتطوير التجارب السابقة بإيجابياتها وتلافي سلبياتها واستبدال مبدأ انتظار السكن المؤقت إلى تملك السكن الدائم وفق أنظمة وقوانين واضحة، وذلك باستقطاع مبلغ مناسب من راتب الموظف يمتد لسنوات طويلة يحقق للموظف الاستقرار والانتماء الوظيفي الذي سينعكس إيجابا على أداء الموظفين والتزامهم، وللجهات الحكومية عائدا ماديا طويل المدى.
كما أنه سيسهم بتحقيق وضوح الرؤية العقارية وتقليل التخبط والتلاعب بأفكار الناس؛ فمن أرض الأحلام سننتقل إلى أرض الواقع الثابت وسنقف على أرض صلبة واضحة المعالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي