متى ينجح المشروع التجاري؟
تختلف الطبقات الاجتماعية في كل المجتمعات ما بين الثراء والفقر والطبقة ذات الدخل الوسط، ومهما كانت الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد إلا أن كثيرين يطمحون باستمرار إلى زيادة دخولهم ورفع المستوى الاقتصادي لهم، فهم أحيانا كثيرة يلجأون إلى القروض، خاصة إن لم تكن لديهم رؤوس الأموال التي تحقق مشاريعهم ليبدأوا مشروعا جديدا.
ولعل الاندفاع إلى تحقيق مشروع ما دون دراسته دراسة جيدة هو سبب تحول الفرد من طبقة اجتماعية معينة أيا كانت إلى شخص مدين يلاحقه الجميع ويطلبون منه سداد ما عليه من قروض، والفكرة تكون من البداية أن يبدأ الفرد - كما يقول البعض - ''بقوة''، والقوة في نظر بعض حديثي دخول المجال التجاري هي ألا يكون هناك تدرج في تطبيق المشروع على أرض الواقع، بل أن يغامر بكل المال الذي لديه دون أن يضع شيئا منه في خانة التجربة، اعتقادا منه أن فلانا مارس هذا المجال ونجح فيفترض أن ينجح بلا خيار آخر، ولكن كثيرا ما تنجح المشروعات الصغيرة أو المتوسطة على الورق في دراسة الجدوى الاقتصادية ولكنها في الميدان تحتاج إلى الحنكة والشخصية وحسن الإدارة بل في كثير من الدول الأوروبية والأمريكية يعتمدون على التشخيص النفسي في اختيار مدير المشروع والموظفين وكثير من المهن من أجل مراعاة توافر سمات معينة في وظيفة ما، بينما في الدول العربية فإن الدافع للمشروع وحده هو العامل الأساسي المعتقد أنه سبب في نجاح مشروع ما، وبناء عليه فإن كثيرا من المشروعات تخسر و''بجدارة''.
إن الدافع وحده ربما يكون سببا في الخسارة، خاصة عندما يكون المقدم على المشروع لا يمتلك أي خبرة في المجال التجاري ويتحول حلم الثراء إلى الديون والفقر، الأمر الذي يجعل الفرد يخسر كل ما يمتلكه. إن ميدان التجارة هو ميدان واسع يحتاج إلى البداية الحذرة وإلى الصبر وإلى الذكاء، فكم من نموذج لرجال أعمال نجحوا ولكن فشل أبنائهم في المجال التجاري ليس بسبب نقص المال، ولكن بسبب ضياع كثير من أموالهم في مشروعات كثيرة فشلت بسبب عدم استفادتهم من تجارب آبائهم وتجارب غيرهم، بسبب اعتقادهم أن دراسة التخصص في كثير من الأحيان هي الأفضل. كثير من الاعتقادات الشخصية تفتقر إلى الخبرة، وهي التي تعد سببا رئيسا من أسباب الفشل الذي يكلف الكثير، إذا يجب ألا نتعجب من تجارب تجارية نسمع عنها باءت بالفشل وانتهت فيها الطموحات بنهاية لم يكن من المتوقع أن تكون، على الرغم من أن بعضها أخذ صيتا واسعا، ولكن بدايته كانت بداية لنهايته دون مبالغة، فليست المشكلة في عدم امتلاك المال أو امتلاكه، ولكن المشكلة في كيفية إدارة رأس المال واستثماره بصورة أفضل، ولعلنا قبل أن نبدأ مشروعاتنا باندفاع نستفيد من تجارب الآخرين.