الريادة الاقتصادية.. وصناعة الفرص
تعد الريادة الاقتصادية واحدة من أهم المحاور التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي للدول والمجتمعات. وفي عالمنا اليوم الذي يتسم بسرعة التغيرات وتزايد التحديات، أصبحت القدرة على الابتكار واستغلال الفرص الاقتصادية أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومفهوم الريادة الاقتصادية لم يعد مفهوماً نظرياً فقط بل أصبح نهج عملي يهدف إلى تحقيق التحول الاقتصادي من خلال استحداث حلول مبتكرة واستغلال الإمكانات المتاحة بأفضل طريقة ممكنة تشمل تشجيع الابتكارات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير بيئة محفزة للاستثمار. ولعلي في هذا المقال أتطرق إلى مفهوم هذه الريادة ودورها في تحقيق التنمية واستدامتها وكيفية صنع الفرص لذلك.
تُعرف الريادة الاقتصادية بأنها العملية التي يتم من خلالها خلق وتنفيذ أفكار جديدة لتحسين أداء الاقتصاد، سواء عبر تطوير قطاعات اقتصادية قائمة أو إنشاء قطاعات جديدة تمامًا، وتُركز على تحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتنفيذ تُسهم في خلق قيمة اقتصادية واجتماعية، ويتجلى دور هذه الريادة الاقتصادية في بناء بيئة اقتصادية ديناميكية تدعم الابتكار، وتُعزز من فرص العمل، وتُسهم في تحسين مستويات المعيشة. فمن خلال تشجيع ريادة الأعمال وتقديم الدعم اللازم لها، يمكن المجتمعات من تحقيق التحول الاقتصادي الذي يُسهم في تحقق أهداف التنمية المستدامة.
تؤدي الريادة الاقتصادية دورًا حيويًا في تحقيق عديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم هذه الأدوار على سبيل المثال، مساهمتها في زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال استحداث مشاريع جديدة وزيادة الإنتاجية. وتُعد الشركات الناشئة سواء كانت صغير أو متوسطة والمشاريع الريادية من أهم المصادر لصنع فرص العمل، خاصة للشباب، كما أنها تساعد على تقليل الاعتماد على قطاعات ومجالات محدودة، ما يجعل الاقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، أضف إلى ذلك تشجيعها على تقديم حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، ما يؤدي الى تطوير منتجات وخدمات جديدة، تُسهم بدورها في زيادة القدرة التنافسية للدول في الأسواق العالمية بشكل عام.
الابتكار والاستثمار يُعدان عنصران أساسيان في تشغيل عجلة الريادة الاقتصادية، حيث يُمكّن رواد الأعمال من تطوير أفكار ومنتجات جديدة ومشاريع تسهم في تحسين جودة الحياة، وكل ذلك يحتاج إلى موارد مالية كافية إضافة إلى بنية تحتية داعمة لتحويل ذلك إلى واقع، وتمكين الشباب واستغلال آليات التحول والتكنولوجيا الرقمية، كل ذلك يعد من الإستراتيجيات الريادية في خلق الفرص الاقتصادية، وهناك عديد من الأمثلة الدولية التي عملت على تحقيق وتنفيذ هذه الإستراتيجيات ونجحت في ذلك مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
السعودية تشهد تحولًا اقتصاديًا كبيرًا بفضل رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال مبادرات مثل "صندوق الاستثمارات العامة" وبرنامج "نيوم"، حيث ركزت على دعم الابتكار وتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة. كما أطلقت برامج لدعم رواد الأعمال مثل "منشآت"، التي تقدم تمويلًا وإرشادًا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وغير ذلك كثير لا يتسع المجال لسردها.
الريادة الاقتصادية ليست خيارًا بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي ولا يتم إلا من خلال تعزيز منظومة البحث والتطوير والابتكار من خلال، تشكيل بيئة داعمة تشمل تمكين الفئات الشابة، والاستفادة من أصحاب الخبرات السابقة، والاستثمار في القطاعات الناشئة، وتعاون القطاعات الخاصة والعامة ورواد الأعمال والعمل على تكامل هذه الحقلة بشكل منتظم سيخلق فرصًا اقتصادية جديدة تُسهم في تحسين ورفع جود الحياة للأفراد والمجتمعات وبناء مستقبل بشكل أفضل.