من يتذكر مقعد الفارس؟
بعد سنوات طويلة، سرني أن أسافر مرة أخرى على الدرجة الأولى في طائرة الخطوط السعودية الجامبو القديمة في رحلة طويلة قاربت تسع ساعات، وأثبتت علاقة عامل راحة المقعد Seat Comfort في اختيار الزبائن لخطوط جوية معينة. كانت هذه الجامبو، التي تعيش آخر أيامها، مجهزة بمقعد (الفارس) الذي جعلته الخطوط آنذاك ماركة Brand وميزها بين منافسيها في تلك الحقبة من الزمن الجميل مع عوامل تميز أخرى كجودة ورقي الوجبات واتساع مقاعد الدرجة السياحية أيضا. كرسي الفارس وبعد مرور ما يقرب من 30 سنة لا يزال في رأيي أفضل كثيرا من المقاعد التي اختارتها الخطوط السعودية للطائرات اللاحقة. عامل راحة المقعد أصبح من الأهمية لدى الشركات الصانعة للطائرات والناقلات الجوية أن تكونت شركات خاصة ومستقلة تركز فقط على استشراف وتصميم مقاعد الطائرات المستقبلية سعيا نحو توفير درجات راحة أعلى لجسم الإنسان. تأتي هذه الجهود بعد ظهور دلائل على علاقة الجلوس المتعب لساعات طويلة بأمراض القلب والأوعية الدموية خاصة في الساقين. الخيار التجاري لشركات الخطوط أن تملأ طائراتها بأكثر عدد من المقاعد ولكنها في المقابل تعرف أن تكديس الزبائن يتناسب عكسيا مع عامل الراحة ومن ثم يتسبب في عزوف الزبون واتجاهه إلى خطوط ذات مقاعد مريحة. الناقلات الجوية الناجحة تتميز دوما بالأفكار الاستباقية الخلاقة وتولي المقاعد أهمية كبيرة، كما أنها تدرك أن خيارات الترفيه من شاشات كبيرة وتعدد وتنوع البرامج المرئية وغيرها لا يكفي للوصول إلى ولاء الزبون، الذي أصبح اليوم يحمل معه أجهزة الترفيه الخاصة به. لذلك يبقى نوع المقاعد المقدمة للزبون في المرتبة الثانية بعد سعر التذكرة كعامل استقطاب مما جعل بعض الخطوط الاقتصادية ذات الدرجة الواحدة في طائراتها تعرض مقاعد ذات مساحة أكبر للقدمين في الدرجة نفسها ولكنها بسعر أعلى. ''الخطوط السعودية'' لم تعد تعمل من منطلق تجاري رغم أنها في مرحلة تتطلب ذلك، يلاحظ ذلك من سياسة التسويق والترويج التي تختفي فجأة ثم تعود دون خطة مستدامة، كما أن علاقتها التفاعلية بالزبون ضعيفة مثل غياب الاستبانات لتقييم الخدمات والمنتجات الجديدة كرأي الزبائن عن المقاعد الحالية في كل الدرجات.