الحالات النفسية المزمنة ودور الأسرة والمعلم

تختلف المهن والوظائف بحسب تخصصاتها وبحسب ميادين العمل فيها ويقول علماء النفس إن هناك سمات شخصية يجب أن تتناسب مع كل مهنة من المهن أو وظيفة من الوظائف فليست الدراسة الأكاديمية وحدها تقرر نجاح الفرد، بل إن الشخصية هي أساس يسهم في إظهار جودة المهنة أو الوظيفة، وهي سبب في نجاحها، فالطبيب ينجح أكثر عندما يكون ذا شخصية إيجابية تتفاعل مع المرضى وتحتويها، والمعلم الناجح هو الذي يمتلك شخصية مقنعة لطلابه، ويظل المعلم دوره جوهري جدا في تحوير شخصية الطلاب إلى الأفضل، خاصة بعد غياب الدور الأسري الفعال في كثير من البيوت، حيث سجل كثير من الحالات النفسية المزمنة والمعقدة لأسر مفككة تختلف ما بين حالات من الطلاق وحالات أخرى لوفاة أحد الوالدين وحالات ثالثة للعنف وتربية اللامبالاة والإهمال وفي تلك البيئة المفككة تظل على المعلم مسؤولية كبيرة في التوجيه والإرشاد والاحتواء، سواء كان ذلك في المدارس الأهلية أو الحكومية، فالدور لا بد أن يكون دورا فعالا وجادا، ولا يقتصر فقط على توصيل المادة العلمية بعلميتها البحتة، بل لا بد أن تستغل تلك المادة العلمية تربويا في بناء الشخصية الإيجابية للطالب بناء متزنا، ولا أعتقد أن ملاحظة المعلم تربويا ستحقق مثل تلك الأهداف، بل لا بد أن يكون المعلم نفسه مقتنعا بدوره المهم، فنحن في حاجة لدعم نفسي عال من المدرسة لأبنائنا، ليست فقط في مجال التعليم، بل حتى في حصص النشاط التي كثيرا ما تمر مرور الكرام، وليست إلا ساعات من الفراغ تضيع في الكلام والضحك بين الطلاب فنحن في حاجة إلى أنشطة فعالة تنمي مدارك الطلاب، وليست كل ما تطمع له بعض المدارس الأهلية من زيادة الرسوم دون تحسين مستوى الأداء فيها، فهناك من المدارس الأهلية من استغلت قرار رفع رواتب المعلمات إلى التوجيه بزيادة الأقساط على الرغم من أن تلك المدارس لم تقدم أي شيء مقابل رفع الأقساط.
إننا في كل الأحوال في حاجة ملحة إلى تفعيل الأنشطة وفي حاجة ملحة أكثر إلى تفعيل الدور التربوي للمعلم، الذي يبدأ باحتواء الطلاب، لأن الخطر أصبح أكبر والمشكلات الأسرية شكلت السبب الأول من أسباب الانحراف للأبناء، ذلك الانحراف الذي يتطور، وقد يصل لحد الجريمة تلك الجريمة التي ليس من الضروري أن تتركز في السرقة والقتل، بل تتحول إلى جرائم أخلاقية نلوم فيها الابن، ولكن يكون سببها تفكك الأسرة ثم تقصير المدرسة، فكم من الشخصيات يقابلها الإنسان في طفولته ومراهقته، ويظل يذكرها وتؤثر في شخصيته وتفكيره إما إيجابا أو سلبا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي