الاحتيال في المشاريع

يعتبر البعض أن المشاريع بيئة خصبة للفساد الإداري، والحقيقة أن المشاريع مثلها مثل أي نشاط آخر يُفترض أن تتم ضمن حدود أخلاقية يحكمها الدين والبيئة والثقافة. فإذا كانت الحدود الأخلاقية غير متوافرة عند البعض على المستوى الاجتماعي أو الفردي، فإن الفساد يمكن أن يحدث في أي صناعة وفي أي نشاط. لكن المشاريع بما فيها من تعدد الأطراف وذوي المصالح وطول المراحل وتعقيد وتعدد الأنشطة واختلاف مستويات اتخاذ القرار، ربما تشجع على مثل هذه الممارسات الخاطئة مهما اختلفت مستوياتها وأسبابها.
يركز ستيفن رولينز في مؤلفاته المنشورة في إدارة المشاريع على إدارة الاحتيال Fraud Management ويعتبرها أساسا في المجالات المعرفية التي لا بد أن يُحيط بها مدير المشروع. ومع أن هناك معاني أخرى غير الاحتيال لكلمة Fraud تأتي في سياق الترجمة مثل الغش والخداع والانتفاع غير المشروع أو حتى التضليل والفساد، إلا أن إدارته تحتاج إلى الكثير من الانتباه والعناية من الإدارة العليا فيما يتعلق بوثائق وتقارير المشروع بداية من تحرير وثيقة المشروع وتحديد المعنيين إلى إدارة التحكم والمراقبة في المشروع، ومن ثم عمليات إغلاق المشروع. وتأتي الموارد المالية للمشروع من أهم الأمور التي يحصل فيها الاحتيال في تسعير البنود ورفع البنود في بداية المشروع للحصول على أكبر نقدية ممكنة في بداية العمل، أو في محاولات تخفيض التكاليف بخفض مستوى الجودة مثلا، أو استخدام مواد غير التي تنص عليها المواصفات، أو بتركيب ما يتم تركيبه بطرق رديئة يظهر فيها الخلل بعد فترة بسيطة من استخدامها. كما أن تغيير الكميات بشكل يختلف عما تم تنفيذه يعتبر أحد أوجه الاحتيال المشهورة في المشاريع، خصوصا في البنود التي يتم تغطيتها وبذلك يصعب التأكد منها، أو في المشاريع التي لا يتواجد فيها المهندس المقيم والذي يجب أن يكون أمينا على المشروع وتفاصيله. إضافة إلى ذلك، يتم رفع الكميات التي تم إنجازها في المستخلصات الشهرية بهدف الحصول على مستحقاتها المالية. كما أن التقارير التي يتم تحريرها عن المشاريع تكون مليئة بظواهر الاحتيال عندما يكون الهدف تحسين صورة إدارة المشروع، أو تضمين الأعمال التي بدأت على أساس أنها انتهت، أو في زيادة نسب الإنجاز بغرض الحصول على مقابلها المادي. أو في نقص المعلومات التي لا توضح موقف المشروع مقارنة بما هو مخطط له.
وكما قد يكون مُلاحظا، فقد تم التطرق لبنود الاحتيال التي تتم بشكل مستمر في المشاريع، ولم يتم التطرق إلى أنواع الاحتيال والغش وربما الفساد المتعلقة بالمشاريع من المنافع التي يتم توفيرها حتى تتم الترسية أو تلك التي يتم توفيرها بغرض تسيير أمور المشروع من اعتماد المستخلصات أو المواد أو حتى استلام أعمال المشروع أو استلامه كله، وهو موضوع تظهر نتائجه في الجهات التي تتأخر مشاريعها مع رغبة المقاول في الانجاز، حيث يتم تعطيل المقاول عن العمل بحجج ظاهرها قانوني وفي صالح العمل، وباطنها يعرفه المختصون في مثل هذه المشاريع، حيث يتم التغاضي عن الأسباب القانونية التي في صالح العمل عندما يتم توفير المنافع المطلوبة لمتخذ القرار في المشروع. وعلاج مثل هذا الفساد يكون بتأهيل مديري المشاريع والانتباه إلى أسباب تأخر المشاريع وأساس المشاكل فيها من المسؤولين عن مديري المشاريع، حيث إن تعثر المشروع يعتبر نتيجة لمشكلة يجب حلها حتى تسير أمور المشروع كما ينبغي. كذلك بتوفير بيئة عمل مناسبة وشفافة يعمل فيها جميع الأطراف كفريق واحد لتحقيق الهدف من المشروع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي