أسرار خطوط «أير آسيا» (2 من 3)
تحتاج شركات الخطوط الجوية إلى إدارات قيادية تؤمن لها بيئة عمل معدومة الهدر، سواء كان هذا الهدر مباشرا على شكل أموال أو غير مباشر كتدني إنتاجية القوى العاملة. العدو الأول لشركات الخطوط الجوية سوء الإدارة والفساد (وهما مختلفان في المعنى والتطبيق)، وذلك لأن الخطوط الجوية اليوم تعاني عوائق مختلفة أدت إلى تدن كبير لهامش الربح الناتج عن الفرق بين العوائد والمصروفات. صناعة النقل الجوي في العالم أجمعت على تفوق المنظومة الإدارية لخطوط ''أير آسيا''، خاصة تميز الفاعلية الإدارية الشاملة وانتفاء أي شكل من أشكال الفساد أو وجود تعارض المصالح. حين استطاعت هذه الشركة الوصول إلى أقل تكلفة تشغيلية لأسطول طائراتها بين المئات من شركات الطيران في العالم المشغلة للنوع نفسه، فإن ذلك يعكس وبصورة مباشرة الفاعلية الإدارية العالية لهذه الشركة وانعدام أي صورة من صور الفساد. لم تتوقف ''خطوط آسيا'' عند هذا الهدف، بل تعدته إلى الوصول إلى مؤشر أكثر دقة تستخدمه شركات الخطوط، ويعكس تكامل التكلفة التشغيلية للطائرات والمسافات التي قطعتها أعداد المقاعد المملوءة من الركاب مقاسة بوحدة مسافة كالكيلومتر أو الميل. المختصون في اقتصاديات الخطوط الجوية يعرفون أن من أسرار نجاح الخطوط الاقتصادية إبقاء الطائرات في الجو أكثر ما يمكن، لكن ذلك لا يكفي دون تحقيق أكبر قدر من عوائد بيع التذاكر وملء جميع المقاعد بالركاب. هذا المؤشر يعكس جودة التحكم في التكاليف وإتقان التسويق في آن واحد، وذلك لا يتحقق إلا في مؤسسات منعدمة الفساد متقنة الإدارة. منطقتنا أصبحت في السنوات الأخيرة من أهم أسواق السفر الجوي في العالم حيث معدلات النمو التي تزيد على 10 في المائة كل سنة، ومع ذلك تعاني أكثر من ثلاثة أرباع الناقلات الجوية تأثير عاملي سوء الإدارة والفساد. نحن في المملكة نمتلك سوق سفر جوي بمزايا لا توجد في أي دولة في الشرق الأوسط، لدينا شبكة مطارات داخلية، لدينا الحج والعمرة، لدينا سياحة خارجية هي الأكثر إنفاقا وغير ذلك كثير، ومع ذلك نعاني تدني جودة صناعة النقل الجوي المالكة لهذه السوق القوية.