التعصب الرياضي .. مرض نفسي
وصف عدد من أطباء الطب النفسي التعصب الرياضي من قبل مشجعي الرياضة بمختلف أنواعها بالمرض النفسي الذي قد يفتك بصاحبه، ويجره لطرق التهلكة من خلال تعاطيه الدخان والمسكرات والمخدرات لنسيان مرارة تدهور فريقه الذي ينتمي إليه، إضافة إلى إصابته ببعض الأمراض العضوية مثل أمراض الجلطات والضغط والسكري والقولون العصبي مما يجعله غير قادر على أداء حياته اليومية بالشكل السليم.
وأكد الدكتور صلاح السقا استشاري نفسي أن التعصب الرياضي أنواع، منهم من يصيبه التوتر داخل المدرجات وتصيبه الدوخة ويحصل له انفعال بينما في ساعات قد تصيبه جلطة، حيث يرى في نفسه أن النادي يعني له شيئا كبيرا ونجاحه شخصيا من نجاح النادي الذي يحبه، وفشله من فشل النادي ومن الطبيعي أن يحصل له توتر وتحصل له انفعالات وتتغير تعابير الوجه وتزداد ضربات القلب وتؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
وأشار السقا إلى أن هناك مشجعين عندهم القدرة على تحمل هذا الضغط ويغادرون الملعب وهم بشكل طبيعي وكثير من الأطباء ينصحون بعدم التواجد في الملعب.
#2#
وأكد الدكتور السقا أن التعصب له أسباب عديدة أهمها نظرتنا القاصرة في المجتمع للرياضة، وقال ''الرياضة عندنا الفوز أو الخسارة أكثر من أن لها أهدافا أخرى مهمة، فيرى البعض أنها منافسة حرب ويكون المنافس هو عدوا له''، مشيرا إلى أن المصطلحات والتحيز يدفعان الكثير للتعصب مع فرقهم مما يؤدي إلى العنف''.
وأضاف ''الحلول لا تأتي إلا بزيادة الوعي ومفاهيم الرياضة للمنافسة والأسباب التي من أجلها أنشئت هذه اللعبة فلا بد أن نعرف أنها مجرد لعبة ونثقف جمهورنا ونفهمه أن اليوم تفوق على الفريق الفلاني وغدا أتفوق عليه''.
وتابع السقا ''التوعية لا بد منها، فالمشكلة كلها تراكمات قديمة بين بعض الأندية التي تؤيد التعصب وترى فيه جزءا من حلاوة اللقاءات وهناك من يقرون هذا التعصب ويؤمنون بأنه من دون التعصب لا تكون هناك منافسة ويرون أن هناك تعصبا إيجابيا وتعصبا سلبيا، وفي الحقيقة التعصب واحد ولا يوجد فيه تصنيف''، مؤكدا ''الأندية تتحمل مسؤولية هذا التعصب ولا بد أن تتخلص من هذه المفاهيم، مضيفا أن التعصب يصل أحيانا للمرض النفسي''.
#3#
من جانبه، بين خالد عبد المحسن العيد الإخصائي النفسي، ومساعد مدير مستشفى الصحة النفسية في حائل أن التعصب ظاهرة سلبية في المجتمع الرياضي، وقال ''هي عبارة قلب للحقيقة ويؤدي إلى حالات من التوتر والقلق وسرعة الغضب والانعزال عن الآخرين ومحاربتهم من أجل هذا النادي الذي ينتمي إليه''، مضيفا ''التعصب الرياضي يقود إلى انحراف الشخص ودخوله إلى عالم المخدرات والمسكرات هربا من الضغوطات العصبية التي تدهمه والغضب ونسيان خسارة فريقه على حد تفكيره وهذا بحد ذاته المرض الذي قد يفتك بالمتعصب الرياضي ويجره لطريق الهلاك فالكثير من الشباب هداهم الله يعتقدون أن المسكر قد ينسيهم هموم الدنيا وهم التفكير في خسارة فريقه المحبب وينهمك ويسلك هذا الطريق حتى تكون نهايته عطفا عن أمراض الضغط والسكري التي تسببها هذه الظاهرة السيئة التي تهدم البيوت العامرة''.
وزاد ''هناك الكثير من الحالات النفسية التي باشرناها في المستشفى لبعض الشباب تبين لنا من خلال بعض الأسئلة التي نسألها المريض أن التعصب الرياضي وانتماءه لفريق معين من ضمن الأسباب التي سببت له الأزمة النفسية''.
#4#
وتابع ''الدورات التثقيفية للجماهير الرياضية لا بد منها ولا بد أن تعرف الجماهير أن الرياضة وجدت لإسعاد الحضور والتمتع فيها''، مبينا ''أنني أقترح أن يكون هناك تعاون بين فروع الرئاسة العامة لرعاية الشباب في المملكة والمستشفيات النفسية لإقامة المحاضرات والندوات التثقيفية في مقار الأندية للجماهير لتثقيفهم بمفهوم التعصب وما يقود إليه من تهلكة لشباب المجتمع''.
وأكد العيد ''الإعلام الرياضي غير الهادف له دور كبير في الترسبات التي تحدث بين الجماهير''، مضيفا ''أنني أتمنى من المسؤولين في الاتحاد السعودي أن يلزموا رؤساء الأندية واللاعبين والمدربين بالسلام على بعض بعد نهاية كل مباراة مما يجعل المشجع يتقبل الخسارة بصدر رحب ويقتنع بأنها مجرد لعبة وتنافس شريف وسط الملعب''.
وشدد مساعد مدير مستشفى الصحة النفسية في حائل على أن وجود الإخصائي النفسي مع كل فريق ومرافقته في مبارياته أمر ضروري لتثقيف اللاعبين وكذلك الجمهور ونبذ مثل هذه التعصبات.
في الجانب نفسه، أكد الدكتور محمد علي طبيب عام في أحد المستشفيات الأهلية في حائل أن التعصب الرياضي قاد الكثير من المتعصبين إلى الأمراض النفسية وكذلك العضوية، وقال ''هناك من أصيب بجلطة إثر ارتفاع ضغط الدم معه نتيجة تدهور نتائج فريقه مما أدى لضعف القدرة الحركية عنده وألزمه السرير وكذلك هناك من الشباب من قاده التعصب إلى كثرة التفكير والقلق والتشتت الذهني مما سبب له الإصابة بمرض السكري الدائم وهناك الكثير من الشباب صغار في السن حضروا إلي في العيادة واكتشفت أن إصابتهم بالسكري وكان من ضمن الأسباب قلقهم الدائم وتوترهم وكثرة الغضب نتيجة تدهور ناديه وهم من يفصحون لي بذلك''.
وأسترسل ''وكذلك الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القولون العصبي الذي يصل مريضه حالة الجنون مؤكدا أن التعصب الأعمى يفتك بالشباب ويقودهم إلى طرق غير سوية فهناك من الشباب قابلتهم في عيادات أحد مستوصفات مكافحة التدخين قد ابتليوا في الدخان ظنا منهم أنه قد يخفف آلام صداع الرأس والغضب بعد خروجه من مشاهدة لقاء فريقه المفضل والابتعاد عن ضغوط المباريات وفي النهاية يدمنون الدخان ومن ثم تتدهور حالتهم الصحية''.
وحذر الدكتور محمد من الانسياق وراء التعصب للأندية والتي اعتبرها مرض ينخر في جسد المشجع يقوده لتدهور حالته الصحية ويصيب صاحبه بالقولون العصبي والجلطات الدماغية.