الحالات النفسية والجريمة والانتحار

يعيش مجتمعنا كغيره من المجتمعات تغيرات اجتماعية ملموسة، حيث أصبحنا نسمع ونقرأ عن حالات اجتماعية من التفكك الاجتماعي وما يتبعه من عواقب مثل هروب الفتيات والابتزاز والعلاقات العاطفية المحرمة والخيانة بل ويتطور الأمر إلى أن نسمع عن جرائم مثل شاب يقتل والدته أو زوجة تحرق زوجها بماء النار، جرائم فظيعة نسمع عنها لم تكن موجودة في السابق في مجتمعنا .. مفاهيم مختلفة نقف الآن على أطلالها من احترام الكبير وإرضاء الوالدين والأمانة وغيرها من المفاهيم الإيجابية التي إن تحدثنا عنها أصبحنا وكأننا نتحدث بلغة لا تتناسب مع العصر، فقد أصبحت الأسرة عاجزة كل العجز عن احتواء أبنائها الأمر الذي جعل ترددا كبيرا على العيادات النفسية ليست في مشكلات بسيطة فحسب بل في أنواع وأشكال من الحالات الصعبة التي لا يتعدى سببها الأسرة، حيث تخلى جزء ليس بقليل عن مسؤولياته مما أوجد مشكلات الفراغ العاطفي حتى نجد من خلال حالات العلاج النفسي فئة من اعتمدت على أسلوب الإهمال والفئة الأخرى اعتمدت على أسلوب القسوة واعتمدت أسلوب الرقابة الخارجية دون الإقناع، فكم من حالة قابلتها للعلاج النفسي، وقد منع الوالدان عنها ''الجوال'' و''الإنترنت''، ومع ذلك فقد وجد أن لها علاقات غير شرعية ومشكلات سلوكية مختلفة وهذا يعني أن الرقابة لم تكن يوما فاعلة إن لم يكن هناك حوار وتفاهم وإقناع وبناء للثقة الحقيقية البعيدة عن الأسلوب الذي لا يحترم فيه الوالدان عقل الأبناء وتفكيرهم فمن له علاقة بمجال التوجيه والإرشاد النفسي يكتشف ببساطة الأثر السلبي لعدم احترام عقلية الأبناء، والمشكلة الأكبر هي التعامل السلبي مع مشكلاتهم حتى تستفحل وربما تتطور إلى الهروب أو الجريمة أو الانتحار، فالحوادث التي نسمعها لا تأتي من فراغ إنما تأتي من كم الضغوط النفسية داخل الأسرة تلك الضغوط التي تأتي من عدم الاحتواء واستخدام الأسلوب العقيم تربويا المتمثل في أسلوب الأوامر والنواهي غير المبررة، وتأتي بعد ذلك لنلوم الأبناء بعدما يصلون إلى مراحل متقدمة من الانحراف الاجتماعي والأخلاقي ونسجلهم كحالات في المستشفيات النفسية أو السجون أو ضمن حالات الانتحار، ولعل النظر في هذا الأمر هو في غاية الأهمية، فالحالات الفردية بعد فترة قد تسجل ظاهرة وانتشار الحالات النفسية المزمنة وشديدة الصعوبة هي نتاج الاستخدام السلبي للثقافة الاجتماعية وتطبيق معنى السلطة الوالدية التي قد تعطي نفسها الصلاحية في الضرب والحبس والحرق أحيانا كما في إحدى الحالات التي شكت من والدتها التي تحرقها بأعقاب السجائر، وهذا يدل على أن المظهر الخارجي للفرد قد لا يعكس في كثير من الأحيان واقعه المرير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي