الطاقة المتجددة خيار استراتيجي يولد 28 ألف وظيفة (1 من 2)

منذ سنة تقريبًا أو أكثر، أمر الملك عبد الله بإنشاء ''مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة''، وقرأنا في الصحف أن المملكة ستمتلك 16 مفاعلاً نوويًّا في 2030، وكذلك أبوظبي في الإمارات، وقبل إعلان هذا الخبر بمدة قصيرة حدث انفجار في المفاعل النووي الياباني نتيجة الزلزال الأخير الذي سبب مشكلات لجميع القطاعات هناك ـــ صحية، واقتصادية، وسياسية، وقد لمس المواطن العادي تداعيات هذا الانفجار الذي أسفر عن تأخُّر أو توقف توريد مختلف البضائع، وعلى رأسها السيارات من اليابان إلى دول الخليج.
هناك أسئلة كثيرة تدور في الذهن.. نعم، فنحن في دول الخليج في حاجة كبيرة إلى الطاقة الكهربائية والماء، وقيم حجم هذه المشاريع في القطاعين تعد بالمليارات، وقد شرعت دول الخليج بالارتباط المشترك عبر شبكة الربط الخليجي التي ستربطها مع أوروبا مستقبلاً للاستفادة من اختلاف الطلب بين الجانبين، إذ يتجه العالم كله إلى التكامل ولا سيما في المشاريع الاستراتيجية، وبما أن الطلب على الطاقة مضمون وفي ازدياد مستمر، فمشاركة القطاع الخاص في مثل هذه المشاريع مضمونة كذلك، لو أمكن فتح باب المشاركة الواسعة أمامه.
وقرأنا أن المملكة ستنفق نحو 100 مليار دولار في إنشاء مثل هذه المفاعلات، لكن ماذا لو صرف مثل هذا المبلغ على مشاريع الطاقة الشمسية؟
ولا سيما أنها تعد ذات طاقة آمنة جدًّا بالمقارنة بالطاقة الذرية التي تعد قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، كما حدث في اليابان، وهي بلاد التطور التقني والصناعي، وأعتقد الآن أن حساب تكلفة المخاطرة في مثل هذه المشاريع سيكون عاليًا جدًّا، حيث قررت ألمانيا ـــ بلد التطور الصناعي ـــ غلق آخر مفاعل عندها في عام 2020، لتثير جدلاً كبيرًا عن دوافع اتخاذ هذا القرار بعد أن أنفقت المليارات على الطاقة الذرية، وتبدد الكم الهائل من الخبرة المستحصلة من طول سنوات التجارب، لتضعها جانبًا، وتبحث عن بديل آخر للطاقة.
كلنا يعلم أن تكلفة إنتاج الكيلو واط الواحد في المملكة يصل تقريبًا بين 10 إلى 12 هللة، وسيكون صعبًا على أي استثمار أن يأتي بأقل من هذا الرقم في إنتاج الكهرباء، ولكن يجب أن ننظر من جهة أخرى إلى استهلاكنا النفطي اللازم لإنتاج الطاقة التي تحتاج إليها المملكة ودول الخليج، وهل من الأفضل بيع هذا الإنتاج للخارج والاستفادة من عوائد الإنتاج على تطوير تقنيات الطاقة البديلة لتكون المملكة ودول الخليج في ريادة هذا المجال، أم لا؟
يزداد الطلب على الطاقة عالميًّا بشكل يومي نتيجة النمو السكاني والاقتصادي، ويشكل هذا الطلب تحديًا نتيجة الاضطرابات السياسة التي تحفل بها منطقة الشرق الأوسط ـــ أحد أبرز المصادر الرئيسة للطاقة في العالم ـــ فيعيد معه السؤال إلى الصدارة، وهو: هل سيبقى الاعتماد على الطاقة النفطية حلاًّ صحيحًا، وإذا كان الأمر كذلك، فماذا سيحدث لو نضب النفط؟
منذ عام 2009 تغيرت الوسائل التقليدية في بناء المحطات وبيع الطاقة، وحدث تغير في كفاءة الطاقة، والجمع بين الحرارة والطاقة، وإنتاج الطاقة من الرياح، وطاقة الأشعة الشمسية، كما تغيرت معادلة الأعمال والاستثمار في مجال الخدمات، مع أن أغلب دول العالم تستخدم الطريقة التقليدية.
ولكن كان الوضع مختلفًا في North Carolina، حيث يعد توليد الطاقة بنظام الطاقة الشمسية من أغلى أنظمة الطاقة المتجددة، لكن توليد الطاقة الكهربائية باستخدام نظام الطاقة الشمسية أصبح اليوم أقل تكلفة من توليدها باستخدام المفاعلات النووية.
وتتبعت دراسة تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية بين عامي 1998 – 2008، حيث رصدت أن التكلفة كانت 12 دولارًا لكل واط مثبت، وفي عام 2008 وصل متوسط التكلفة إلى ثمانية دولارات؛ أي أن تكلفة الإنتاج انخفضت إلى 66 في المائة خلال عشر سنوات تقريبًا.
وحسب المعلومات الواردة من North Carolina installers التي أشير إليها في الدراسة المذكورة أن تكلفة إنتاج الطاقة باستخدام نظام أكبر تكون بين 12 ـــ 14 سنتًا للكيلو واط الواحد.
أما الآن فقد تغيرت فلسفة توليد الطاقة عبر إنشاء محطات توليد عملاقة تكلف الملايين من الدولارات، ومن ثَمَّ بيع هذه الطاقة الكهربائية عبر شبكات النقل إلى وحدات صغيرة للمنازل أو المصانع باستخدام الطاقة الشمسية يتم تثبيت هذه الوحدات داخل المصانع أو المنازل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي