سوق الأسهم والحماية المطلوبة

عودة سوق الأسهم السعودية لعجلة الاستثمار والمضاربة المقننة أمر مطلوب، وبعودتها عاد للناس شيء من التفاؤل والأمل في تحقيق شيء من الاستثمار، مع أن الأغلبية منهم ما زالوا يعيشون حالة من رعب عام 2006، ذلك الحدث الذي أفقد الجميع رؤوس أموالهم وثقتهم بالسوق.
حقيقة إن مؤشرات المرحلة الحالية ومع النضج الذي حققته هيئة سوق المال من بناء مؤسسي للأنظمة والمراقبة والمتابعة، أوجدت شيئا من الثقة بسلامة الاستثمار والعمل في السوق، والمتابع لتعزيز هذه الثقة يرى أنها تبلورت بشكل مرض مع المزيد من الطموح في تحقيق المزيد من تطوير الأنظمة، خصوصاً القادرة على ردع المفسدين من المضاربين في هذه السوق الناشئة المحتاجة إلى كل رعاية واحتضان وحماية.
سوق الأسهم السعودية حتى تحقق الثقة الكاملة للاستثمار فيها تتطلب إضافة إلى تطوير أنظمتها وتقويتها وضبط التلاعب من قبل بعض المضاربين، تعاون جميع العاملين والمتعاملين مع السوق، هذا التعاون يفرض علينا جميعاً أن نكون على قلب رجل واحد بحيث نعطي كل الدعم الإيجابي للعاملين في هيئة سوق المال وألا نتركهم وحدهم يقاومون ويجاهدون ويقاتلون المتلاعبين في السوق ممن أعماهم المال والثروة عن حرمات الناس وصيانة أموالهم وحقوقهم، ودورنا جميعاً الوقوف معهم لمحاربة كل أنواع الفساد والتجاوزات التي تؤدي إلى انهيار السوق - لا سمح الله - وألا نقف منهم كما وقف بنو إسرائيل من موسى - عليه السلام - عندما قالوا له ''اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون''.
إن هذا الموقف من بني إسرائيل مع نبي الله موسى - عليه السلام - موقف المتخاذل الجبان، وهو موقف ذَمّه الله - سبحانه وتعالى، وهو الموقف الذي يجب ألا يقفه كل من يرى في جهود زملائنا في هيئة سوق المال الخير، وهو ما يجب أن نقفه في جميع الأعمال التي نرجو من الله بها الخير لهذا الوطن الغالي وأهله الكرام.
إن تضافر الجهود وتحمل كل واحد مسؤوليته مهما صغرت في حماية الحقوق وضمان استقرار واستدامة وتطور السوق تفرض الوقوف في وجه كل فساد أو تصرف يسيء للسوق ويحرمها من فرصة النمو والاستقرار والاستدامة وتعزيز موقعها بين أسواق المال العالمية وتعطي الثقة والاحترام لها من قبل المتعاملين العالميين المحتملين في المستقبل وتمنع أن يتجرأ أي مستثمر أجنبي بالإساءة للسوق على أساس أن أبناءنا ''حامينها'' بحسن عملهم وتعاملهم معها بعد توفيق الله - سبحانه وتعالى.
إن الجهود من هيئة سوق المال وعلى رأسها الدكتور عبد الرحمن التويجري وزملاؤه في الهيئة، حققت لهذه السوق الخروج من أزمتها السابقة وعودة الحياة الاستثمارية الداعمة لها في الفترة الأخيرة، هذه العودة التي انعكست بشكل إيجابي على أغلبية المتعاملين مع السوق، كما ساعدت على استقطاب فئات جديدة للسوق وأوجدت بشكل مباشر أو غير مباشر مصادر وفرص عمل للعديد من الشباب من الجنسين من خلال العمل في السوق بالاستثمار المباشر أو من خلال قنوات الاستثمار غير المباشر، هذه العودة التي تدعم الاستقرار النفسي والأمني للعديد من المواطنين والمواطنات، لأن مثل هذا النشاط الاقتصادي يفتح نافذة مباركة لتحسين الحياة المعيشية للجميع.
إن عودة سوق الأسهم للعمل الاستثماري الإيجابي وحرص المسؤولين عنها على حمايتها ومنع التجاوزات غير النظامية من أي كائن من كان؛ انعكسا بشكل إيجابي على الثقة بالسوق والمسؤولين عنها، ومواقف الهيئة خلال الفترة الماضية وإبرازها كل التجاوزات من مختلف الشركات والمتعاملين معها وفيها وإصرارها على عدم التهاون مع أي مخالف مهما كان أو من كان ستزيد من صلابة وقوة السوق وتعزز الثقة بها وتحقق لها ما نرجوه جميعاً من نمو وازدهار ينال خيرة كل محب لهذا الوطن الحبيب.
إن دورنا جميعاً مسؤولين ومواطنين متعاملين أو غير متعاملين مع السوق، يوجب علينا دعم موقف الهيئة ومساعدتها على القيام بدورها ومسؤوليتها بشكل إيجابي وقوي حتى تحقق لسوق الأسهم السعودية الاستقرار والاستدامة التي تحقق - بإذن الله - الاستقرار والاستدامة لآلاف العائلات السعودية التي يعتمد أربابها، بعد توفيق الله، على الاستثمار في السوق ويحققون من خلال هذا الاستثمار الحياة الكريمة لهم ولأسرهم ويحقق للجميع وطنا آمنا مستقرا ومتطورا - بإذن الله، وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد، وعالمي الطموح.

وقفة تأمل

'قيل لأحد الحكماء ما بال الحسدة يحزنون أبدا؟
فقال: لأنهم لا يحزنون لما ينزل بهم من الشر فقط بل لما ينال الناس أيضا من الخير''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي