أهمية الأسواق الناشئة وجاذبيتها

يتجاوز حجم الأصول المدارة من قبل أكبر 500 شركة إدارة أصول في العالم ما قيمته 150 ترليون دولار مقسمة على كافة أنواع الأصول الاستثمارية المتاحة في العالم وكذلك منوعة من حيث التوزع الجغرافي حول كافة الاقتصاديات المتقدمة والناشئة والتي في طريقها إلى التطوير ورغم ضخامة الأصول المدارة إلى أن توزيع الهيمنة بين الشركات المالية متقسم وغير محتكر كون أكبر شركات الأصول تهمين على نسب متفاوتة بين 11% و12% ما يعني منافسة مرتفعة وحاجة دائمة للبحث عن منابع تدعم تحقيق أداء مختلف وتنوع أصول جاذب.

يتجه مدراء الأصول العالميين في تشكيل استثماراتهم وتوزيعها الجغرافي دائما إلى المواطن التي تمكنهم من تحقيق أداء استثنائي مختلف لتكون صناديقهم الاستثمارية ومنتجاتهم أكثر جذبا لرؤوس أموال جديدة من المؤسسات المالية والعملاء من أصحاب الثروات العالية واستثمارات التأمين وكذلك صناديق التقاعد أخيرا .

ولا شك جذب الأفراد إلى منتجاتهم الاستثمارية فمديرو الأصول أيضا كما يبحثون عن التنوع الاستثماري كذلك يبحثون عن تنويع قاعدتهم من العملاء، ولا يمكن أن يكون هذا إلا بالبحث والتمحيص في الاقتصادات التي تسعى بشكل كبير إلى ترقية اقتصادها والاقتصادات الناشئة عنصر لا تخلو منه أي خريطة تكوين استثماري لرؤوس الأموال تلك.

وسط هذا الازدحام من التنافس على العملاء فإن الدول كذلك ضمن خططها القائمة والمستقبلية تتنافس لجذب رؤوس الأموال هذه إليها لتكون أحد الخيارات الرئيسية لمديري الصناديق والتنفيذيين في شركات الاستثمار العالمية بكافة أحجامها فكل ما ارتفعت جاذبية سوق معين زاد تدفق الاستثمارات إليها، ولا دليل أفضل من ذلك إلا رحلة الأسواق المالية للدول التي تبحث عن الترقية إلى مصاف المؤشرات الدولية العالمية للأسواق مثل مؤشر أم أس سي أي أو مؤشر فوتسي راسل فكل ما نجحت الدول في تعزيز مكانتها سوقها المالية تعاظم أثر ذلك في تدفق الأموال الاستثمارية إليها بحجم ما يمثله ذلك السوق إلى وزن الأسواق.

إن ترقية سوق مالية إلى المؤشرات الدولية المهمة تأتي بمنزلة تتويج لخطة عمل واسعة تتبعها الدول ضمن سلسله واسعة من العوامل السياسية، الاقتصادية، المالية والتشريعية لرفع كفاءة هذه الاقتصاديات وصولا إلى تعزيز دور سوقها المالي في هذه الرحلة، لأنه وبشكل مؤثر وواضح عندما تتحسن الظروف الاقتصادية يتحسن المزاج العام وتقل التوترات الاجتماعية نتيجة تحسن مستوى المعيشة، لذا يكون من المهم تحقيق مزيد من النمو والاستقرار في اقتصادات الأسواق الناشئة والدول النامية، كما أن تحقيقه يُبنى على أسس قوية تضمن الاستدامة وديمومة النمو.

عند تحسين وتطوير السياسات المالية والاقتصادية لتكون أكثر فاعلية واستدامة ترتفع مستويات ثقة المستثمرين ومستويات التصنيف لهذه الاقتصادات أو الأسواق، وتصبح العملية تشبه المتوالية الهندسية، حيث تتحسن فرص العمل وأجوره ويتم خلق فرص جديدة ودخول قطاعات حيوية فيزداد شغف الشعوب وترتفع مستويات ثقتها لتصبح عاملا مهما في ترسيخ الاستقرار السياسي المبني على استقرار وازدهار اقتصادي يجعل الشعوب تؤمن بقياداتها أكثر وتدعمها في كل خطوة تتخذها.

نجاعة أي خطوة أو إصلاح هيكلي في الاقتصاد أو المالية العامة يزيد من شهية الحكومات نحو مزيد من الإصلاحات، ولدينا مثال واقعي وعملي من السعودية التي كلما حققت هدفاً من أهداف رؤيتها قبل أوانه رفعت السقف نحو أهداف جديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي