5 مشروعات للتغيير أمام محافظ الاستثمار

القادة الجدد تنتظرهم دوما مبادرات ومشروعات للتغيير على مستوى منظماتهم، وعلى مستوى البيئة المحيطة بها. هكذا حال المحافظ الجديد للهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف بن أحمد العثمان الذي لن يكون عمله في مقر ''الهيئة'' في الرياض خلال أيامه الأولى يسيرا ومنظما وشفافا ومنهجيا، كما كان في الظهران، لكننا على ثقة بأن ''القائد الجديد'' قادر على إحداث التغيير الرامي إلى إعادة هيكلة الهيئة وتعزيز دورها وتحسين علاقاتها مع الجهات الأخرى للنهوض الحقيقي بالاستثمار في السعودية بعيدا عن البهرجة والطابع الاحتفالي. إذن، نتمنى للمحافظ الجديد النجاح والتوفيق، مؤملين أن تعبر هذه السطور عن تطلعاتنا.

مشروع التغيير الأول: إعادة بناء الثقة
الشريحة الكبرى من السعوديين فقدوا الثقة بالهيئة العامة للاستثمار، وخابت آمالهم من الدور المؤمل منها في تحسين البيئة الاستثمارية في السعودية، فالهيئة ضاعت وفقدت هويتها، فلم نعد نعرف ماهيتها.. هل هي الجهة التي تسبغ الشرعية على الاقتصاد الخفي وتصدر التراخيص لمستثمرين أجانب كانوا يوما يعملون تحت غطاء التستر التجاري؟ أم هي شركة دعاية وتنظيم فعاليات كلفت الملايين من الريالات دون نتائج حقيقية؟ لقد أشار أعضاء في مجلس الشورى إلى أن الهيئة حولت ''العمالة الوافدة'' عندنا إلى مستثمرين أجانب في مشروعات صغيرة منافسة للسعوديين لا تحقق الأهداف المرجوة من نظام الاستثمار الأجنبي، ولا تستطيع تلبية حاجات الاقتصاد السعودي والاستفادة من رأس المال الأجنبي.
لهذا، فإن أولى لبنات ''إعادة بناء الثقة'' تكمن في إعادة تعريف دور الهيئة وإعادة بناء ثقافتها التنظيمية والابتعاد عن ''الاحتفالية الزائفة'' التي أشغلت الهيئة في ظل الإدارة السابقة وحرفتها عن جهودها الحقيقية، فنحن لا نريد أن نسمع تصفيقا وخطابات بوعود معسولة، نريد من الهيئة أن تقوم بدور ''إدارة تطوير الأعمال'' للدولة، وتحقق أهداف خطط التنمية السعودية، وتحسين البيئة الاستثمارية في البلد، ليس إلى مصاف الدول المتقدمة - كما كنا نسمع قديما من الهيئة - إنما إلى مصاف الجيران الخليجيين الذين أحرجونا بتفوقهم ومستوى بيئاتهم الاستثمارية!

مشروع التغيير الثاني:
مكافحة الفساد والبيروقراطية
بعد موجة انتقادات شعبية، جاء منتدى الرياض الاقتصادي (الدورة الخامسة - 2011) ليقصم ظهر الهيئة بدراسة أكدت أن 68 في المائة من المستثمرين في السعودية يلجأون إلى الفساد لتسهيل أعمالهم، و64 في المائة من المستثمرين يرون أن أسلوب تعامل الموظفين الحكوميين يمثل عائقا استثماريا بزيادة قدرها 25 في المائة عمّا كانت عليه عام 2005. ورغم محاولات الهيئة للنيل من الدراسة، إلا أننا نقر جميعا ونعترف في مجالسنا - من غير دراسات - بأن البيئة الاستثمارية في السعودية ابتليت بالفساد والبيروقراطية.
وعلاوة على دراسة المنتدى، كشفت دراسة أخرى أجراها معهد الإدارة العامة، تم عرضها خلال ندوة ''استثمار رأس المال الوطني والأجنبي في السعودية .. الواقع والتحديات'' شباط (فبراير) 2009 - عن نتائج بحث ميداني حصر معوقات الاستثمار الوطني والأجنبي في خمسة أنواع تحوم حول الفساد والبيروقراطية:
l معوقات تنظيمية وإجرائية (مثل بطء إجراءات التخليص الجمركي).
l معوقات قانونية (مثل بطء إجراءات التقاضي وبطء تنفيذ الأحكام).
l معوقات معلوماتية (مثل النقص في المعلومات حول الفرص الاستثمارية المحتملة).
l معوقات تتصل بتكاليف الاستثمار (مثل ارتفاع تكلفة تدريب الأيدي العاملة).
l معوقات تتصل بالسياسات الاقتصادية (مثل ارتفاع معدل التضخم).
وأنا من المقتنعين بالقاعدة الذهبية ''اقضِ على البيروقراطية، تقضِ على الفساد وليس العكس''. ولذلك، نتفاءل بالمحافظ الجديد الذي جاء من ''ثقافة تنظيمية'' عرف عنها التنظيم والانضباط والشفافية والمصداقية وسهولة الإجراءات، ولعله من واقع خبرته في ''أرامكو'' يرسخ هذه القيم في الهيئة، ما يؤدي إلى نشرها في البيئة الاستثمارية عموما.

مشروع التغيير الثالث:
إعادة صياغة النظام والتنظيم
أضم صوتي إلى صوت أعضاء في الشورى أكدوا الأسبوع الماضي أن نظام الاستثمار الأجنبي فشل في توطين الوظائف، ونقل التقنية الحديثة إلى البلد، وعبروا عن الحاجة إلى تعديل النظام ومعه تنظيم الهيئة العامة للاستثمار بهدف إعادة هيكلتها. لذا، تأتي مطالبنا بمراجعة النظام والتنظيم وإعادة صياغتهما بعد تقييم شامل لتجربة الهيئة طوال عمرها البالغ 12 عاما.

مشروع التغيير الرابع: توطين الوظائف
لقد وصلت الهيئة ذات يوم إلى مرحلة من التدهور أنها أعلنت ''جهارا نهارا'' أنها غير معنية بقضية السعودة. فكيف تنصلت الهيئة من مسؤوليتها في التوطين وهي التي بشرتنا بمدن اقتصادية (رابغ، وحائل، والمدينة المنورة، وجازان) ستوفر ''مليون'' فرصة وظيفية؟ ماذا حققت شركة ''كادر المدن الاقتصادية''؟ وماذا تحقق في مدينتي ''كادر للتدريب'' في كل من رابغ وجازان؟ أين مراكز التوظيف التي ستنشئها شركة كادر وتستقطب من خلالها خريجي الجامعات السعودية؟
إن الحل يبدأ من تنفيذ مضامين الأمر الملكي الكريم رقم (أ/121)، وتاريخ 2/7/1432هـ، الذي وجه الحكومة بتوفير حزمة من الحلول للبطالة موضحة في الخطة التفصيلية، حيث شدد الأمر الكريم بمراجعة لوائح وأنظمة الهيئة العامة للاستثمار لإعادة هيكلة ما يتعارض منها مع جهود وقرارات السعودة بما يحقق إلزام المستثمرين الأجانب بإنفاذ تلك القرارات أسوة بالشركات والمؤسسات المحلية، وهي الخطوة التي يتقاطع فيها المشروعان الثالث والرابع.

مشروع التغيير الخامس:
بناء التحالفات مع القطاعين
إذا افترضنا أن الهيئة تؤدي دور ''إدارة تطوير الأعمال'' للدولة، فعليها أن تتحالف مع غيرها كي تحقق النجاح، وأبرز هذه الجهات:
l وزارة العدل/ ديوان المظالم: المستثمر في أي بقعة من العالم لا يغامر إلا بعد أن يطمئن على أن البيئة الاستثمارية تحفظ له حقوقه أمام الخصوم بصورة عادلة وسريعة. ولذلك، يجب على الهيئة أن تركز مع الوزارة والديوان على تذليل عقبات التقاضي.
l وزارة الاقتصاد والتخطيط: يجب أن تنسق الهيئة مع الوزارة عند وضع خطط الاستثمار، مع إنشاء قاعدة بيانات عن الاستثمار في السعودية والفرص المتاحة، وإنشاء شاشة مؤشرات dashboard تقيس بكل مصداقية مدى تقدمنا الاستثماري.
l وزارة العمل: جزء من نجاح الهيئة يكمن في التعاون مع الوزارة في جهودها في التوطين، وخلق فرص عمل للشباب والفتيات السعوديين لدى المستثمرين، وبالتالي تخفيف الأعباء عن كاهل الوزارة بإنقاص أعداد المستفيدين من إعانة ''حافز''.
l وزارة التجارة والصناعة: تمثل الهيئة عند تحالفها مع الوزارة صوت ''المستثمرين''، وبالتالي تسعى إلى تسهيل الإجراءات وتبسيطها أمامهم.
إن بحر الاستثمار لجي تغشاه الأمواج، لكن التفاؤل يحدونا بأن رجلا يقود بتمكن سيبحر صوب الوجهة الصحيحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي