خطوات أساسية نحو تحقيق الوحدة الخليجية
أتعجب كيف أن الشعوب الأوروبية المختلفة الأعراق والمذاهب صوَّت جميع شعوبها على قبول الوحدة الأوروبية تحت عملة واحدة ومنظومة عسكرية موحدة. تلك الوحدة لم تتم إلا بعد أن قامت دول غنية مثل ألمانيا بتضحية كبيرة، وذلك بدفع مليارات كثيرة لرفع اقتصاد دول ذات اقتصاد متدنٍ مثل إسبانيا وبعض دول أوروبا الشرقية. لم تكن هناك أي صرخات ضد تلك التوجهات الوحدوية. حتى في زمن الأزمات كالتي حصلت في اليونان، قامت الدول الأوروبية الأخرى بدعمها، لكن بعد تشخيص الفساد الإداري الذي يعد أمراً مرفوضاً لمن أراد أن يبقى في تلك المنظومة.
اتحدت الدول الأوروبية ولم يكن على أي من دولها أي تهديد خارجي، وهذا عكس الدول الخليجية التي يبيت لها من الأزمات ما الله به عليم. قد يجزم كل عاقل بأن الغزو العراقي للكويت واحتلال الجزر الإماراتية كانا سببين كافيين للانتقال من التعاون إلى الاتحاد، كما أن هناك إجماعا على أن المواطن الخليجي لم يستفد كثيراً من منظومة التعاون الخليجي، على الرغم من الجهود التي يبذلها المؤتمرون لخدمة دولهم. من الأمور العاجلة للتمهيد لإقرار الوحدة الخليجية ما يلي:
1) الانتقال بالتعاون العسكري لحماية أراضي منطقة ومياه الخليج العربي من التهديدات الإيرانية المدعومة من قوى عظمى لابتزاز المنطقة، إلى وحدة عسكرية كاملة بدمج الجيوش. الموقف السعودي الشجاع في حماية البحرين من المخطط الإيراني، يكفي لتحفيز جميع دول المنطقة على دعم منظومة الوحدة العسكرية من خلال مناورات وتدريبات عسكرية دورية مشتركة تكون نواتها قوات درع الجزيرة العربية، تنتهي بجيش واحد.
2) المسافر بين الدول الأوروبية لا يشعر بأنه دخل حدود دولة أوروبية أخرى، إلا عن طريق هاتفه النقال، أما الوضع بين دولنا الخليجية فقد أصبح السفر عن طريق البر أحد المعوقات السياحية والتنقل التلقائي من أجل مصالح معيشية مشتركة. على سبيل المثال لا الحصر، خلال إجازة الربيع الأخيرة مكث مواطنو دول الخليج وعائلاتهم الساعات الطويلة في المراكز الحدودية. التساؤل: لماذا يستمر هذا الوضع بين دول تسعى للتوحد منذ أكثر من 30 عاما؟ قبل أن يتفق المؤتمرون على توقيع بروتوكول الوحدة، ينبغي أن يرى المواطن الخليجي تميزاً وفائدة ملموسة من تلك الوحدة.
3) من الملاحظ أن عملات أغلبية الدول الخليجية قوية ومتقاربة في القيمة الشرائية، فلا تجد اختلافاً إلا في الأسماء فقط، وقد تكلم الكثير من الاقتصاديين على ضرورة توحيد العملة الخليجية، لكن لا أدري لماذا هناك ممانعة في تحقيق ذلك الهدف الشعبي الذي طال انتظاره؟
4) أبرز مثال على فائدة الوحدة على الدول والشعوب، لو طبقت، هي آلية الشراء الموحد لدول الخليج، حين استطاع وزراء الصحة العرب شراء بعض الأدوية الأساسية بسعر وصل إلى الربع. لو طُبق ذلك المبدأ في شراء الأجهزة والمعدات وصيانتها لاستطاعت دول الخليج توفير المليارات، فقط في الخدمات الصحية، فلماذا لا يطبق مبدأ الشراء الموحد بين وزارات التجارة لتأصيل منظومة شراء المواد الغذائية وغيرها مما يحتاج إليه المواطن الخليجي من مواد ضرورية؟
5) هنالك شبه انفصال وعدم تعاون بين المؤسسات التعليمية لدول مجلس التعاون. من المؤسف جداً أن الأحوال قبل 20 عاماً خير منها في وقتنا الحاضر، حيث لم نجد في وقتنا الحاضر تعاوناً بين وزارات التربية والتعليم، وكذلك بين الجامعات الخليجية. لماذا لا تشرع الجامعات الخليجية في إيجاد حلقات تعاون تدريسي وبحثي بين أساتذة وطلاب جامعات دول الخليج العربي؟