المخاطر الجيوسياسية تعود للواجهة وتدفع الأسعار للأعلى

 ارتفعت أسعار النفط الأسبوع الماضي وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية. حيث، قفزت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بنسبة 6.0 % إلى 75.17 و71.24 دولار للبرميل على التوالي، مسجلة بذلك أقوى مكسب أسبوعي لها فيما يقرب من شهرين وعوضت معظم خسائر نوفمبر حتى الآن. لكن، مع اقتراب الشهر من نهايته واقتراب موعد اجتماع "أوبك بلس"، من المرجح أن يركز المتداولون مرة أخرى على أساسيات السوق، حيث، هناك كثير من التكهنات بشأن سياسة المجموعة الإنتاجية.

تراقب السوق من كثب الآن التصعيد في الأزمة الأوكرانية بحثا عن أي تهديدات محتملة لإمدادات الطاقة العالمية. على الرغم من أن صادرات النفط الروسية ظلت غير متأثرة إلى حد كبير حتى الآن، لا يمكن استبعاد احتمال وقوع هجمات على البنية التحتية للطاقة أو فرض عقوبات جديدة. وقد أدت هذه المخاطر إلى فرض علاوة سعرية، حيث يتحوط المتداولون ضد الاضطرابات المحتملة في الإمدادات. ويحذر المحللون من أن استمرار عدم الاستقرار الجيوسياسي قد يلعب دورا رئيسيا في تشكيل معنويات سوق النفط.

في الوقت نفسه، ستعقد "أوبك بلس" اجتماعها المقبل في الأول من ديسمبر لمناقشة مستويات الإنتاج. في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت المجموعة أنها ستؤجل البدء في تخفيف تخفيضات الإنتاج المخطط لها من الأول من ديسمبر 2024 إلى الأول من يناير 2025. لم يكن قرار المجموعة مفاجئا، نظرا لأنها كانت قد اشترطت زيادة العرض تبعا لظروف السوق. بالفعل، ظروف السوق الآن لا تدعم إضافة العرض. حيث، إن نمو الطلب العالمي على النفط كان أضعف مما توقعته أوبك في وقت سابق من هذا العام. وفي الوقت نفسه، كان العرض من خارج "أوبك بلس" يرتفع، خاصة من الولايات المتحدة، غيانا والبرازيل. في اجتماعها المقبل قد تختار المجموعة تأجيل إضافة العرض مرة أخرى، بالنظر إلى الطلب الأضعف من المتوقع.

بالفعل، المخاوف بشأن الطلب العالمي وضعت حدا لمكاسب أسعار النفط. على الرغم من الدعم الجيوسياسي، انخفضت الأسعار لفترة وجيزة خلال الأسبوع الماضي بعد بيانات اقتصادية ضعيفة في منطقة اليورو. حيث، انكمش قطاع الخدمات فيها بشكل حاد، في حين عمق نشاط التصنيع ركوده. وعززت البيانات المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي، على الرغم من أنها لم تعرقل الزخم الصعودي للنفط.

في حين، يظل ضعف الطلب على النفط في الصين مصدر قلق رئيسي للسوق. حيث، انخفضت واردات النفط الخام في أكتوبر إلى 10.53 مليون برميل يوميا، بانخفاض 2 % عن مستويات سبتمبر، مع انخفاض إنتاج المصافي أيضا على أساس سنوي. وتعمل المصافي المستقلة بطاقة منخفضة، مع معدلات استخدام تحوم حول 58.7 %، وهو انعكاس للهوامش الضعيفة والطلب الفاتر على المنتجات المكررة مثل البنزين والديزل. كما تتزايد المخاوف الأطول أجلا بشأن الطلب في الصين. حيث، تسهم التغييرات الهيكلية – مثل التبني السريع للسيارات الكهربائية والتحول نحو الشاحنات التي تعمل بالغاز المسال – في اقتصاد أقل كثافة في استخدام النفط.

من جهة أخرى، كشف أحدث تقرير لإدارة معلومات الطاقة عن إشارات متضاربة لسوق النفط. حيث، ارتفعت مخزونات الخام الأمريكية بمقدار 545 ألف برميل للأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر، متجاوزة التوقعات بزيادة متواضعة قدرها 138 ألف برميل. ارتفعت مخزونات البنزين بشكل حاد، مضيفة 2.1 مليون برميل مقابل توقعات بارتفاع قدره 900 ألف برميل، ما يشير إلى طلب محلي أضعف من المتوقع. لكن، انخفاض مخزونات المقطرات الوسطية، وفر تعويضا هامشيا للبيانات الهبوطية. يحذر المحللون من أن ارتفاع المخزونات، إلى جانب اتجاهات الاستهلاك الفاترة، قد يثقل كاهل الأسعار ما لم يتم تعويضه باضطرابات أكبر في جانب العرض.

مع ذلك، تتجه سوق النفط الآن نحو توقعات صعودية، مدفوعة بتصاعد المخاطر الجيوسياسية. وقد تختبر أسعار النفط مستويات أعلى، خاصة إذا اتخذت "أوبك بلس" في اجتماعها المقرر في الأول من ديسمبر إجراءات أقوى للحد من العرض. وقد يؤدي تصاعد التوترات في أوروبا الشرقية أو اضطرابات الإمدادات الجديدة إلى تضخيم إمكانات الصعود بشكل أكبر.

لكن، المخاطر الهبوطية مثل ارتفاع المخزونات الأمريكية وضعف الطلب العالمي على النفط تظل قائمة. يجب على المتداولين أن يظلوا متيقظين للعناوين الجيوسياسية الرئيسية، ويراقبوا أي مفاجآت في بيانات المخزون الأمريكي أو قررات "أوبك بلس".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي