نساء محطات الوقود
''التوظيف الوهمي''! الاسم مغالطة في المقام الأول، فلو كان هناك توظيف وهمي لكان هناك موظف/ موظفة يعملان دون رواتب على أقل تقدير. ولكن ما تكشف لنا هو وجود أسماء لموظفين وموظفات على قوائم شركات ومؤسسات تتسابق زوراً لتوسيع دائرة حضورها في برنامج نطاقات، وبالتالي تسهيل معاملاتها لدى وزارة العمل من ناحية الموافقة على إصدار التأشيرات لغير السعوديين وما إلى ذلك. هذه الأسماء لمواطنين ومواطنات لم يسبق لهم العمل في أي مكان، كما لم يحصلوا على أي راتب من أي شكل كان، ولم يوقعوا على أي عقود في الحضور أو حتى بالإنابة في الغياب!
ومن أشد الأمثلة سخرية من واقع البطالة لدينا، ما تبين في الآونة الأخيرة من أن هناك مواطنات سعوديات متوسطات التعليم مسجلات كموظفات تم تعيينهن على وظائف عاملات في محطات الوقود! والأشد اسوداداً في هذه الكوميديا، هو أن ''نطاقات'' رحب بهذه الخطوة الداعمة للمرأة ''كعنصر فاعل في المجتمع''، (انطلاقاً من تأهيلها الكامل وقدرتها على التفريق بين البنزين الأخضر 91 والبنزين الأحمر 95، وتميزها في إدخال قيمة التعبئة على اللوحة الإلكترونية المعقـّدة لطرمبة البنزين، والتي أثبتت المرأة السعودية العاملة تمكنها من تقنياتها المتقدمة بعد تدريبها في برامج التدريب المعدة خصيصاً لذلك)، هذا حتماً ما يصلكم من طنطنة عبر وسائل الإعلام في تغطيتها لمؤتمرات وملتقيات ومنتديات التوظيف/ السعودة/ التوطين... إلخ! والتي لا تعدو كونها، في واقع الأمر، مناسبات تدار غالباً بواسطة كبريات شركات العلاقات العامة غير الوطنية، ويعاد تسويقها علينا من خلال الرعاة الماسيين والذهبيين والفضيين، وبعض تجّار الإعلام والحقائب النفعية التابعة، فيما يشبه الـ (بارتي) أو الحفل الذي يبدو في ظاهره مكلفاً شديد الحفاوة والسخاء بالضيوف، غير أنه لا يسكب السخاء والكرم سوى على مقيميه والمخططين له بمبالغ تصل إلى مئات الملايين من الريالات!
أعود لموضوع الوهم، وأتساءل: ألم ينتبه أحد؟ (مرأة سعودية في محطة بنزين)!! كيف مرت المسألة على عين الرقيب؟ فالكذبة أكبر من أن تصدق.. أو حتى تمرّر! ما الذي يمكن أن نراه بعد ذلك؟ استغلال أسماء السعوديات كعاملات حفريات؟ أو خبيرات تمديد كيابل ضغط عال؟ أم ستنتظرون حتى يتمادوا ليستغلوا اسمها كمشرفة تمديد وصيانة شبكات صرف صحي؟!
للحقيقة أقول: ما كان يحدث قبل نطاقات هو التوظيف الوهمي بعينه، فقد كانت الشركات والمؤسسات الصغيرة تسجل أسماء لعاطلين وعاطلات وتصرف لهم نصف المتفق عليه في مسيّرات الرواتب دون حضورهم لمقر العمل. أما ما يحدث الآن، وسيتكرر حدوثه، ويزداد لدرجة مخزية، لا يمكن بأي حال من الأحوال تسميته ''توظيفا وهميا''! فلا وظيفة في حقيقة الأمر، ولا راتب أو نصف راتب حتى، ولا سبيل للتقديم على أية وظيفة لأن أحدهم استغل اسمها واستعبدها كموظفة لا يحق لها العمل في أي مكان آخر! في الحقيقة، صاحبكم لا يجد تسمية تناسب ما يجري هنا، وقد يجود قارئ كريم ويتحفنا بتسمية تناسب ''نطاق'' المسألة وتأثيرها اليوم.