الشيخ الشعراوي .. قدم التفسير العميق بأسلوب بسيط
أسر الألباب بأسلوبه السهل الممتنع، قدم الوعظ الديني بعمق وبساطة، فسر القرآن بأسلوب محبب، وفوق ذلك كله امتلك كاريزما لا تخطئها العين، تتجسد في قسمات ملامحه وحركات جسده إلى الأمام والخلف، عرفه الناس في برنامجه الديني الأشهر '' تفسير القرآن''.
إنه الشيخ محمد متولي الشعراوي عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، قدم برنامجه الشهير تفسير القرآن، فتابعته جميع الشرائح ومن كل الأعمار، فاكتسب صيتا فاق شهرته كرجل علم شرعي. ولد محمد متولي الشعراوي في 15 نيسان (أبريل) عام 1911 في قرية دقادوس مركز ميت غمر في محافظة الدقهلية في مصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922 التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923، ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء في الزقازيق. كانت نقطة التحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف في القاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاؤه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي الخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934.
تخرج عام 1940 ، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني في طنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني في الزقازيق ثم المعهد الديني في الإسكندرية. وبعد فترة وخبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى، وعمل في التدريس في جامعة الملك عبد العزيز. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1976 اختار ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى تشرين الأول (أكتوبر) عام 1978.
اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (الدكتور حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك. وفي سنة 1987 اختير عضواً في مجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين). تم تصوير قصة حياته في مسلسل تلفزيوني بعنوان إمام الدعاة عام 2003 وهو من بطولة حسن يوسف وعفاف شعيب. يستعرض العمل السيرة الذاتية للشيخ محمد متولي الشعراوي منذ ولادته في دقادوس وحفظه للقرآن الكريم في كتاب القرية ونبوغه، والتحاقه بالمعهد الديني وتفوقه فيه ثم التحاقه بالأزهر الشريف وسفره للسعودية، ثم عودته وتعيينه مديراً لمكتب شيخ الأزهر وذياع صيته في العالم كداعية إسلامي من خلال خواطره في تفسير القرآن الكريم ثم توليه وزارة الأوقاف. وتتوالى الأحداث حتى تنتهي الحلقات بوفاة العالم الجليل.