«الخطوط السعودية» والسلطة العميقة

أثارت المقابلة التي أجرتها صحيفة "سبق" الإلكترونية مع مسؤول في "الخطوط السعودية" الكثير من السخط بسبب تدني مستواها الإعلامي واستخدام أوصاف لا تستخدمها صناعة العلاقات العامة في الشركات الكبيرة، خاصة الخدمية منها ذات العلاقة بجميع أفراد المجتمع. عندما اختير المهندس خالد الملحم قبل ست سنوات لقيادة "الخطوط السعودية"، في مرحلة دقيقة ومتعثرة من مسيرتها، ساد انطباع عام بأنه سينجز ما عجز عنه سلفه الذي لم يتمكن من إعادة هيكلة هذه الناقلة ونقلها من الخسارة إلى الربحية، ويرفع جودتها، ومن ثم يطرحها للقطاع الخاص في الوقت المحدد. محصلة السنوات الست من إدارة الملحم لا يكفيها مقال واحد إن أردنا تقييمها بمهنية والأخذ بجميع العوامل المتاحة في يده، وتلك العوامل الخارجة عن إرادته. عندما أتى الملحم لـ "الخطوط" وجد في مكتبه دراسات استشارية جاهزة أجرتها شركات عالمية موثوقة تناولت المشكلات والحلول لجميع قطاعات "الخطوط" من قوى بشرية، وأسطول الطائرات، الصيانة، التموين، العلاقات العامة، التسويق، الإجراءات الإدارية والحلول الإلكترونية.. إلخ. كما أن تطور صناعة النقل الجوي وتحول الكثير منها للقطاع الخاص أوجد شركات تقدم حلولاً جاهزة ومضمونة سواء بطريقة التعهيد أو بيع وتشغيل تلك الحلول، وبهذا انتفت عوامل الإخفاق الذاتي لشركات الخطوط الجوية وبقي عامل التطبيق هو المستعصي. لدي قراءة عن المقابلة التي ذكرتها في أول المقال تختلف عمّا تناوله بعض الزملاء من كتاب الأعمدة في صحفنا، حيث أنظر إليها من ناحية صناعية بحتة. فشركات الخطوط العالمية تستثمر بقوة وتنفق الكثير من المال في جوانب التسويق والعلاقات العامة، ونذكر مثالاً لذلك "طيران الإمارات" كأقوى الخطوط في هذا الجانب على مستوى العالم. ولدى الناقلات الجوية الكبرى سياسات إعلامية محترفة وصارمة تجاه ما يصدر منها لوسائل الإعلام المختلفة، كما أنها (تصنع) الأخبار بعناية وتمررها عبر قناة موحدة وتجاه وسائل إعلامية محترمة بحوكمتها المهنية. والحوكمة المهنية في صناعة الإعلام تعني تحمل وسيلة إعلام ما عمّا قد يمس الآخرين من ضرر من جرّاء أخطاء قد تقع منها. خلال الأيام التي أعقبت تلك المقابلة بقيت أرتقب رد العلاقات العامة في "الخطوط السعودية"، لكني لم أر شيئاً حتى ساعة كتابة مقالي هذا! فهل "الخطوط السعودية" راضية عمّا جاء في تلك المقابلة من ناحية المحتوى ومن ناحية وجود قناة جديدة غير قسم العلاقات العامة لديها؟ صمت "الخطوط السعودية" قد يفهم منه أنها تعاني ما يعرف بـ (السلطة العميقة)، وهي مراكز القوى القديمة التي تسيّر الأعمال بطريقتها المخالفة للتغير الظاهر في المنشأة أيا كانت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي