قلوبنا تبكيك.. لكن عقولنا لن تنساك
عندما سمعت نبأ وفاة فقيد الوطن الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله – لم أصدق الخبر، وكذبت سمعي وأسرعت أحرك وأغير في القنوات في حالة من القلق والارتباك.. لأنني لم أصدق نعم.. والله لم أصدق. تمنيت لو لم يكن هناك خبر بالوفاة وأن الخبر لا يحمل الحزن أو الألم، لكن كانت مشيئة الله - عز وجل - أقوى وكان القدر فوق إرادة البشر. عندما تحققت من الخبر شعرته.. الخبر الذي يصعق العقل ويشعل القلب بنيران الفاجعة ليس لأنه الموت، فالموت حق علينا جميعا ولا اعتراض على قضاء الله، لكن لأن فقدان نايف بن عبد العزيز مصيبة كبرى.
بكت الرياض.. وغطى سواد الحزن سماء المملكة، بل نراه في العالمين العربي والإسلامي، ولكنه في العالم كله. ومَن لا يبكيك يا فقدنا الغالي نايف بن عبد العزيز .. تعجز الكلمات وتقف العبارات حائرة في أن تروي مسيرة ذلك الأمير الذي تعلم منه أطفالنا وشبابنا وكبارنا معنى أن تكون مسؤولا عن وطنك، وأن تكون أمينا عليه. إن الأمير نايف بن عبد العزيز تلك الشخصية المحنكة التي استطاعت وبكل نجاح أن تتخطى أصعب اللحظات بكل قوة ومرونة واتزان في سبيل دينه ووطنه. ماذا أقول عن الفقيد نايف بن عبد العزيز .. وهو الذي يقف التاريخ بكل فخر أمام سجل عطائه وإنجازه اللامحدود. لقد وهب الوطن أنواعا من العطاء سيظل الوطن والمواطن يتحدث عنها ويرويها لأبنائه وأحفاده.
ماذا أقول عن فقيد الأمتين العربية والإسلامية الذي أعطى المملكة مكانة مرموقة جسدتها خبرته الواسعة في إدارة مفهوم الأمن، تلك التجربة التي أذهلت العالم كله، حتى الدول المتقدمة وقفت معجبة بتلك الإدارة التي تقف خلفها شخصية والله من الصعب أن يزيحها الموت من ذاكرتنا! الأمير نايف بن عبد العزيز.. تعلمنا منه الكثير والكثير، فقد نقلت خبرته الفريدة للعالم والوطن والمواطن كبيره وصغيره وتعلم العالم كله منه أن الدين الإسلامي ليس هو الإرهاب وليس هو الجريمة في زمن حاول فيه المضللون أن يقرنوا الإسلام بالإرهاب. لم يكن الأمر سهلا، لكن كانت حكمته وحنكته - رحمه الله - في التعامل مع المتغيرات الكبيرة من حوله هي التي أكسبت الأمور والأحداث معنى النجاح.
لقد كان - رحمه الله - يعنى بكل ما يبعد الشباب عن الجريمة والانحراف، وفي المقابل أيضا كان جاهدا يسعى للإصلاح .. جهود وجهود عظيمة وجبارة بنيت وتألقت ثابتة. لن ننساك.. فنحن لا نستطيع أن ننسى بريق الأمن في سماء بلادنا، والذي سعيت دوما إلى تحقيقه منطلقا من الكتاب والسنة وتحت رعاية والدنا الملك عبد الله – حفظه الله - لكن لا يسع الإنسان أمام قضاء الله إلا أن يدعو الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته، ويهب والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله لنا - الصبر والسلوان، وأن يجبرنا في مصابنا ''إنّا لله وإنّا إليه راجعون''.