10 سنوات على التحرير الأول للطيران

عشر سنوات مرت على قرار مجلس الوزراء الذي سمح للقطاع الخاص بالاستثمار في صناعة النقل الجوي وهي فترة طويلة تحتاج إلى تقييم يشمل أبعاد هذه الصناعة. فالنقل الجوي وخاصة الداخلي لدولة ذات مناطق ومدن متباعدة يمثل حلقة مهمة في سلسلة التنمية بحلقاتها المتعددة من رحلات الأعمال والتقارب العائلي والمجتمعي والاستشفاء والتعليم وغيرها. ارتبط الطيران بالسياسة منذ اليوم الأول، ولهذا كانت الدول الديمقراطية المتقدمة وخاصة بريطانيا الأولى زمنيا في تحرير هذه الصناعة وتمكين القطاع الخاص من تملكها. لم تنجح تجربة الخصخصة في موطنها الأم بريطانيا دون مظلة رقابية وتشريعية شفافة تحمي الاقتصاد الكلي من الاتجاه نحو هاوية الفساد ومن ثم الانهيار وفي الوقت نفسه تحمي المجتمع والفرد الذي يمثل الزبون أو متلقي الخدمات. عندما أتى قرار التحرير الأول بشركتي نقل جوي هما (طيران ناس) و(خطوط سما) كان المقربون من هذه الصناعة يعرفون الآلية التي تم من خلالها اختيار هاتين الشركتين ومن هم ملاكها الحقيقيون، ولأن الاختيار لم يكن شفافا ومهنيا، أتى بقيادات دخيلة على هذه الصناعة استمدت قوتها من طبيعة العلاقات المهنية والشخصية التي تميز قطاعات الأعمال في دول العالم الثالث. لم يستمر صمود (خطوط سما) طويلا فأعلنت إفلاسها وانسحبت من السوق لأسباب متعددة منها ما يخصها وحدها ومنها ما يخص الصناعة برمتها. أما (طيران ناس) فقد استثمرت قوتها الذاتية بخرق لائحة تعرفة الأسعار الداخلية دون ردة فعل من قبل هيئة الطيران المدني. اليوم نحن نعيش مرحلة التحرير الثاني الذي تزامن مع إعادة الهيكلة الحكومية المتمثل بفصل الطيران المدني عن وزارة الدفاع ليكون هيئة حكومية مستقلة مرتبطة مباشرة بمقام مجلس الوزراء. لكن هيئة الطيران المدني لديها قصور كبير في الشفافية إلا من تقارير إعلامية مقتضبة وضعيفة مهنيا عبر متحدثها الرسمي، حيث لم تنشر اللائحة الخاصة بتنظيم واختيار المشغلين الجدد. أتمنى من الهيئة العامة للطيران المدني أن تكون مواكبة لظروف الزمن الذي نعيشه الآن وأن تنشر بشفافية أسماء الملاك الحقيقيين للشركة أو الشركات الفائزة لما لذلك من تقوية للحمة الوطنية أولا وللاقتصاد الوطني ثانيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي