في رمضان .. اقتصاديات خاطئة أم متناقضة؟
استقبل المسلمون شهر رمضان المبارك، أمس الأول الجمعة، وبهذه المناسبة أقدّم التبريكات والدعوة للجميع بأن يجعلنا وإياهم ممن يصومه ويقومه ويُرزق قبول العمل الصالح من المولى - عزّ وجلّ.
إن شهر رمضان موسم مختلف عن سائر الشهور سواء في شؤون الحياة الاعتيادية أو حتى الجوانب الاقتصادية للفرد، غير أن هناك سلوكيات وممارسات ليست محمودة لم تنقطع على الرغم من كثرة ما أشبعت إخراجاً على الساحة في الإعلام أو عن طريق المساجد وغيرهما من منافذ التوجيه وإيصال الرسالة. والمقصد هنا فيما نريد طرحه من مثل هذه الممارسات هي تلك المتعلقة بالجوانب الاقتصادية للفرد والمجتمع، إذ إن المجال هنا ليس متخصصاً في سلوكيات الأفراد أو مشاكل اجتماعية لا يربطها عامل اقتصادي، علاوة على أننا لن نستطيع حصرها، بل نطرح إضاءات كتمثيل لبعضها. فمثلاً جمع التبرعات بلا شك يكثر في رمضان لاستغلال شرف الزمان غير أننا ما زلنا تأخذنا العاطفة في عدم إدراك أن بعضها يذهب إلى غير ما عنيت إليه في استغلال ربما ينافي الدين كاملاً كتمويل الإرهاب. ومع التحذيرات والحديث في كل محفل وعلى كل منبر سواء كان رسمياً أو غير رسمي إلا أننا لا نتحقق من نظامية كثير من الأنشطة حين دفع ما تجود به النفس لها.
أما المثال الآخر فهو بسيط في حجمه كبير في معناه حيث ينتشر في رمضان أكثر من غيره شراء المسواك من أمام المسجد وأماكن التجمع المختلفة للناس. وهذا لا غرو فيه، بل إن مشاهدتي الشخصية والتي قد يشاركني بعضكم في عدم استساغتها، هي أنك قد تجد الشخص الذي يرغب في شراء المسواك يطلب تخفيضاً من البائع كما لو كانت القيمة للمسواك بالشيء الباهظ. ففي الغالب القيمة ريالان ويطالب البائع بالتخفيض إلى ريال "يعني النصف"! وتراه يأخذ ويعطي في التفاصيل مع ذلك البائع الذي على أقل تقدير يبدو أنه أقل بكثير جداً في مداخيله المالية من المشتري وليته نوى أن يكون الريال الآخر صدقة لوجه الله. وفي الوقت ذاته ربما يكون هذا الشخص المطالب بالتخفيض في سعر المسواك قد عاد للتو من إجازة صرف فيها آلاف الريالات ولم تشكل له اهتماماً ذا بال في إرهاق ميزانيته أو حتى تجده ممن بعد مائدة إفطاره قد ملأت حاويات القمامة بأنواع المأكولات التي لم تؤكل في مظهر إسراف وتبذير.
إن مثل هذه الأنواع من السلوكيات الاقتصادية كالإسراف والتبذير أو عدم التأكد من مواطن التبرعات وهكذا لا شك أنها تتكرر في كل رمضان، لكن تبقى على الرغم مما يقال عنها ويحذر منها بكل وسائل الإصلاح – مع الأسف - متجذرة في المجتمع لأن الحلول لها ومثلها لا تأتي إلا من داخل النفس، فعسى أن يكون هذا الشهر هذه السنة فرصة لوقفة تأمل للتخلص من بعض السلوكيات الاقتصادية الخاطئة. وكل عام وأنتم بخير.