450 يا شيخ؟!

الشيخ سليمان الراجحي يعيش بـ 450 ريالا شهرياً، وتفنيدها كما يلي:
ستة أريل دجاجة ورزيّزة.. وتسعة أريل مصروف، ليكون المجموع يوميا: خمسطعش ريال، أو 450 ريالاً شهرياً!
والسياق كان في حديث الشيخ للإعلاميين كما تعلمون، مؤكداً أن ألف ريال تكفي الرجل ليعتاش بأسرة صغيرة! وللإنصاف، قد يكون هذا ممكناً لو توافر التالي:
- سكن مملوك أو مدفوع الإيجار.
- سيارة تعمل بالبخار!
- جوّال يعمل بالتدفئة!
- وإعفاء من ''ضريبة'' الكهرباء!!
هذا على أقل تقدير! أمّا في الاستشهاد بالعمالة الوافدة وكفاحهم للحصول على تأشيرة تكفل لهم القدوم والعمل ''براتب ألف ريال أو أقل''، فمن الصعب أن تنطبق على السعودي الذي يعول أسرة صغيرة، وللأمر أسبابه كما تعلمون! فالآسيوي المستقدم للعمل براتب ألف ريال مكفول له ما يلي: سكن، نقل، علاج، غذاء، ناهيك عن تذاكر الطيران! ولو دققنا أكثر، لقلنا إن راتب السائق المستقدم من آسيا لخدمة الأسر القادرة مادياً، على سبيل المثال، لا يقل عن 1400 ريال شهريا، وفي حالات كثيرة لا يضطر السائق للإنفاق منها سوى على مكالمات الاتصال الدولية بأهله، هذا إن لم تشرّهه المدام بكرت شحن 20 أسبوعياً لأنه لا يمارس الـ ''قرقر'' كثيراً بعد انتظارها في مختلف المناسبات.. لساعات! وهذا السائق، بالمناسبة، سكنه وطعامه وماؤه وكهرباؤه وحتى ترفيهه (تلفزيون + ريسيفر).. تم توفيرها له بالمجان، كأبسط الحقوق الإنسانية له في المقام الأول! وربما أضاف القارئ الكريم أوجها أخرى للاختلاف لم أدركها!

المشكلة الأخرى تتكشف في التالي:
إن كان رأس المال السعودي الهويّة والمنشأ مقتنعاً بأن الـ (ألف ريال) تكفي لإعاشة أسرة صغيرة، فمن البديهي أن نحتفل سوياً بخبر إلزامية الثلاثة آلاف كحد أدنى للرواتب، وذلك بدلاً من تعبيرنا عن الاستياء من القرار الصادر عن وزارة العمل! فلو بقي الأمر عند رأس المال، أعتقد أنه من غير المباح لنا أن نتفاءل كثيراً بأي زيادة.. وبقاء الرواتب عند ألف ريال.. سادة!

أستأذنكم في ارتشاف القليل من الماء.. من زجاة اشتريتها بريال، وتكلفني 60 ريالا شهرياً، لأنني مبذر.. وأشتريها مرتين يوميا.

وأعود لأكمل:
الفجوة كامنة، على ما يبدو، فيما يعتقده الرعيل الأكبر سناً تبذيراً!
وعلى هذه المعضلة أن تنتهي بشكل أو بآخر! وهي لا تخص كبار السن، الذين نحترمهم، وحدهم، بل تطول المسؤول الذي يكلف باحثين يرصدون الأرقام لتحديد الرواتب الكفيلة بالعيش فوق خط الفقر في السعودية! وحتى بالنسبة للقرارات الحديثة، فمن قال لهؤلاء إن 3 آلاف ريال شهرياً ستعول شاباً سعودياً يحتاج الكثير في بداية حياته ويطمح للزواج والإنجاب إلخ!
السؤال: لماذا لا نبدأ معهم بسخاء، فهذا السخاء هو الوحيد القادر على إشعارهم بقيمة ما يحصلون عليه ودفعهم للمحافظة على مكتسبهم والزهو به!
أبناؤنا العاقلون الذين يطمحون لفرصة كهذه كثر.. أما القلة من شبابنا وبناتنا الذين لا يعون قيمة المال.. فأرض الواقع تتسع لأكثر من قلة واحدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي