قصة تلفزيونية .. إيرانيون يجعلون من لوس أنجلوس مدينة لهم

قصة تلفزيونية .. إيرانيون يجعلون من لوس أنجلوس مدينة لهم

سلطت تقارير تلفزيونية الضوء على حي وسط لوس أنجلوس استوطنه الإيرانيون وجعلوه جزءا من مدينتهم، حيث استعرضت القصة التلفزيونية ما يعرف بخدمة الخرائط في جوجل باسم ''طهرانجليس'' بأنها حي في وسط لوس أنجلوس، ولكن كيف تحول هذا الجزء التجاري الفاخر في لوس أنجلوس المدينة الشهيرة إلى أكبر مركز لتجمع الإيرانيين خارج إيران؟
تقول شابة إيرانية تجلس في مقهى في لوس أنجلوس، حيث يتجمع الإيرانيون الشباب: ''نحن على الخريطة، أعني ما الذي يمنع أن نوضع على الخريطة؟ لدينا المدينة الكورية ''كوريا تاون'' والمدينة الصينية ''تشاينا تاون''، فلماذا لا تكون لنا منطقتنا؟''.
الآن أصبح للإيرانيين منطقتهم.
تشير الإحصاءات إلى أنه يوجد ما بين 300 ألف إلى أكثر من نصف مليون إيراني في جنوبي كاليفورنيا، كثير منهم يقيم في طهرانجليس.
وتقول ماهديس كيشافارز التي تدير وكالة لوس أنجلوس للعلاقات العامة: ''لا تشارك في ثرثرة الإيرانيين إذا لم تكن مستعدا للدفاع عنها، لأن كل شخص هنا يتحدث الفارسية.''بينما تروي إيمي مالك، الحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس في موضوع الإيرانيين في الشتات، قصة قدومها إلى لوس أنجلوس لأول مرة وتقول: ''كنت طالبة، في حرم الجامعة سمعت شخصا يتحدث الفارسية فالتفت في رد فعل غير محسوب قائلة ''هذا رائع، إيرانيون آخرون''، فنظرت إلي فتاة من أعلى إلى أسفل وكأنها تقول ''لماذا تتصرفين معي هكذا؟ ما المشكلة في أن أكون إيرانية؟''، عندها أدركت أنني لست الإيرانية الوحيدة هنا، وأن هناك الكثيرين غيري''.

لافتات فارسية

ويقيم الإيرانيون بكثافة في منطقة ويست وود بوليفارد وضواحيها، حيث يوجد الكثير من لافتات المحال التي تحمل أسماء باللغة الفارسية، وحيث تختلط الأصوات التي تتحدث اللغة نفسها، كما أن أكثر من 22 في المائة من ذوي الأصول الإيرانية يقيمون بالقرب من منطقة بيفرلي هيلز الراقية حيث كان الإيراني جامشيد ديلشاد الشهير باسم ''جيمي'' عمدة في الفترة بين عامي 2007 و2010. وتشير الدراسات إلى أن الإيرانيين من أفضل الطلبة بين المجموعات الدراسية في أمريكا، كما أن قرابة 40 في المائة من طلبة مدرسة بيفرلي هيلز الثانوية الشهيرة من الإيرانيين، وهم يزدهرون بسرعة كرجال أعمال.
رجل الأعمال فرهاد موهيت هو أحد هؤلاء، فقد أنشأ الموقع الإلكتروني بيزريت دوت كوم ''bizrate.com'' لمقارنة البضائع والأسعار قبل الشراء خلال دراسته في كلية إدارة الأعمال، ثم باعه بعد ذلك بملايين الدولارات.
كما أن مؤسس الموقع الإلكتروني العملاق إي باي ''e-Bay'' إيراني، وكذلك الرئيس التنفيذي الحالي لموقع يوتيوب.
ويدرس الإيرانيون المقيمون في لوس أنجلوس اللغة الفارسية حتى يعدوا أنفسهم ليكونوا موظفين فاعلين لدى رجال الأعمال الإيرانيين.
وشهدت الستينيات قدوم المهاجرين الأوائل الذين قدموا إلى لوس أنجلوس للدراسة، ثم ازدادت أعدادهم في السبعينيات، ولكن أكبر موجات الهجرة على الإطلاق كانت عام 1979 بعد الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه وأسست الجمهورية الإسلامية، ولكن كثيرين منهم لا يتوقعون البقاء طويلا.

حياة أفضل

يقول الكاتب والمذيع هوما سارشار: ''دائما ما نردد في مجتمعنا ''أبق حقائبك جاهزة دوما'' فربما تتغير الأمور في يوم ما فنضطر للعودة، ورغم مضى على هذا 32 عاما وما زلت هنا''.
ثم تبع كثيرون خطوات هؤلاء إلى الولايات المتحدة سواء لتكوين أسر أو الهروب من الحرب العراقية الإيرانية في أوائل الثمانينيات، أو سعيا لفرص حياة أفضل. كما أن مناخ لوس أنجلوس كان عاملا أساسيا في البقاء.
يقول الدكتور رضا أصلان، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا: ''لقد ظلوا في لوس أنجلوس لأن الكثير هنا يذكرهم ببلادهم، كالحدائق المترامية الأطراف، وثقافة السيارات، والجبال، ولكن الأمور ليست سهلة دوما.
العلاقات الأمريكية الإيرانية بدأت تتخذ طبيعة متوترة عام 1979 عندما تم أسر 52 دبلوماسيا أمريكيا رهائن في طهران، الأمر الذي كان له مردوده على الإيرانيين الذين وصلوا لتوهم حينئذ إلى لوس أنجلوس.
تقول سارة، وهي ابنة أحد المهاجرين الإيرانيين: ''كنا عندما نريد أن نلعب في جوار المنزل، كان الجيران يلاحقوننا بسياراتهم ليثيروا خوفنا ثم يهربون''.
وكلما تصاعد التوتر بين الحكومتين الأمريكية والإيرانية، يخاف الإيرانيون المهاجرون من عودة الظلم القديم.
ويقول شاب إيراني يحمل الجنسية الأمريكية وقدم إلى أمريكا في الثمانينيات: ''الأمريكيون شعب طيب، ولكنهم فقط أعداء لما لايفهمونه، وتشعر بهذا أكثر عندما تغادر كاليفورنيا، ولهذا فإن لوس أنجلوس هي ملاذنا الآمن''.
ولكن الجيل الذي جاء مع الأزمة عام 1979 وهم معظم سكان طهرانجليس، يشعرون بالراحة الكاملة مع هويتهم المزدوجة. ومع سنوات عمرها الـ 30 تقول كيشافارز إنها لم تعد تشعر بأهمية الاختيار بين أن تكون إيرانية أو أمريكية.
وتضيف: ''نحن لن نكون إيرانيين خالصين أو أمريكيين خالصين، إذن دعنا من الأسماء ولا نغيرها، ولنفخر بأنفسنا''.

الأكثر قراءة