فلول النظام السابق.. تجربة في الإدارة
كاد أن يكون تنازل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عن السلطة، قراراً تكتيكياً يُسهل رجوع فلول النظام لتولي زمام الأمور. لذا.. فقد تدهورت الأوضاع في مصر في الفترة التي أعقبت سقوط حكم الرئيس المخلوع، وقد كان السر في ذلك أن فلول النظام، ممثلة في المجلس العسكري، وعناصر النظام البائد المتغلغلين في كل مفاصل الدولة، وراء إجهاض أي مشاريع إصلاحية، بل كانت الأيدي الخفية تسعى بشكل دائب لتقويض أي خطوة بناءة لتحقيق أهداف الثورة. كان لدى فلول النظام خطوات بديلة لكل حالة، فعند خسارة مرشحهم شفيق، استطاع التحالف الفلولي بين المجلس العسكري والمحكمة الدستورية وضع دستور مكمل يقيد من صلاحيات الرئيس، حتى وصفت إحدى الصحف الأمريكية أن الرئيس الجديد سيكون مثل (الدريم ويب) الذي يستخدم لتجميل كعكات أعياد الميلاد.
بعيدا عن السياسة ودهاليزها، أردت بتلك التوطئة السياسية، ذكر تأثير وجود عناصر داخل أي إدارة أو (وزارة) تعمل بتوجيهات الإدارة السابقة، لإفشال خطوات الإدارة الجديدة، لذلك لوحظ في الدول الغربية أن جميع الأحزاب التي تفوز بالانتخابات تقوم بتشكيل حكومة من نفس أفراد الحزب، وقد تقوم بإشراك بعض العناصر المحايدة. لذلك، غالبا ما تفشل الحكومة المشكلة، إن كانت خليطا من تجمعات سياسية على أساس من مبدأ المحاصصة.
أذكر أني عندما كنت طالباً في أمريكا، أيام حكم الرئيس كارتر، قابلت في بهو الفندق في لوس أنجلوس نائب مدير شركة جيتي النفطية (مستر ثورب)، التي كانت تعمل في الخفجي، فسألته من سيفوز؟! فقال لي سيفوز مرشحنا ريجان، فقلت له خبرته في الفن أكثر من الإدارة!! فقال لي نحن سندير الحكومة كمجموعة، وسيكون ريجان الممثل وليس المخرج. بالفعل قام الرئيس ريجان بتشكيل طاقمه الرئاسي ومستشاريه من نفس الحزب، وكان أغلبهم من كاليفورنيا وقد نفذ كل توجيهات حزبه.
نفس المنطق تجده في الكثير من الشركات والمؤسسات، حيث تجد أن مدير الشركة في حال تعيينه يقوم بحركة تغيير جذرية، واختيار من يكون ولاؤه كاملا لأفكاره وتوجهاته، كما يقوم بإقصاء جميع مراكز القوى من مسؤولي الإدارة السابقة. هذه الخطوات الإدارية لا يمكن تفسيرها بالشخصانية أوبالفئوية أو الحزبية، بل هي من الضرورات لإنجاح خطط المدير الجديد. هذا الأسلوب الإداري في عملية صنع فريق عمل متجانس، يحمل أهدافا واضحة خالية من الالتباسات والتعقيدات والتصرفات الشخصية، وكذلك تلافي وجود معاول إفساد، أو كما أصطلح على تسميتها (بالطابور الخامس)، يعد من أساسيات نجاح أي إدارة.
عود على بدء، قد يكون من الخطأ في غالب الأحيان، الاحتفاظ بفلول الإدارة السابقة التي خرجت بقوة النظام، لأن ولاء تلك المجموعة يبقى لإدارة المؤسسة السابقة، بل وقد يحَركون بطريقة الريموت كنترول، من رؤسائهم السابقين. إلا أن هذا لا يعني الإقصاء الكامل للجميع، حيث لا تخلو أي إدارة من وجود عناصر عملية من خلفية تكنوقراطية.
خلاصة القول، النجاح الإداري في المؤسسات والشركات، يحتاج إلى وجود فريق عمل يحمل أهدافا واضحة، لذلك قد يكون من الأنسب أن يحرص أي مدير أو وزير معين، أن يكون لديه فريق عمل من الوكلاء والمديرين لتحقيق النجاح، وقد يستوجب أيضاً إعفاء من قد يكون سبباً في إعاقة تنفيذ الخطط.