قروض.. وسفر وسياحة
إن عددا كبيرا من الدراسات النفسية تناولت موضوع الثقة بالنفس ودورها الفعال في دعم السلوكيات الإيجابية للفرد وإبعاده عن السلوكيات السلبية خاصة إن كان الفرد ذا توجه إيجابي وتفكير بناء، حيث ينطلق السلوك في تلك الحالة من مصدر داخلي للفرد وهو بذلك يفعل ما يريد أن يفعل دون أن يكون تابعا لآراء الآخرين ورغباتهم ودوافعهم وكلما زادت قناعة الإنسان برأيه وفكره وسلوكه سجل ذلك الفرد ارتفاعا في معيار الثقة بالنفس، ولكن لننظر من حولنا فكم هم من الأفراد من حولنا من يسجلون القناعات العليا لآرائهم عندما تكون صحيحة فعليا وكم أيضا من الأفراد من يغير رأيه سريعا ليتأثر بمن حوله حتى وإن كان التغيير إلى الأسوأ.
ولعل موضوع السفر من الموضوعات التي تأخذ عنوان القائمة بمجرد اقتراب موسم العطل والإجازات، حيث يظل هذا الموضوع هو حديث الأسرة الأول بلا منافس، وقد يكون الأمر مخططا له ومرتبا من قبل ولكنه ربما يأتي عند بعض الأسر من باب الارتجال والعشوائية فتجد الأسرة بمجرد أن تذكرت دخول الإجازة سرعان ما بادر أحدهم بإقناع بقية أفراد الأسرة بالسفر ومن ثم يظل الأب بعد طرح فكرة السفر على أبنائه يبدأ ليفكر من أين يستطيع تدبير مبلغ مالي يكفي تلك الأسرة، ومن هنا تبدأ معاناة السفر والذي من المفترض أن يكون متعة، ولكن شعور البعض بعدم كفاية ميزانية السفر لديهم هو الذي يجعلهم يصابون بالضغط النفسي ثم الاكتئاب، وهذا يعني أن فكرة السفر ربما لم تكن مطروحة من الأصل، ولكنها طرحت من أجل الآخرين.. نعم فهناك أسر تسافر من أجل غيرها ومن أجل السفر فقط لكلمة السفر دون أن تكون هناك حاجة حقيقية إلى السفر والذي لا بد أن يتوافر فيه شرط الحاجة كسبب أول ثم الاكتفاء المادي وهو السبب الثاني والحاجة هنا تعني أن الفرد لم يسافر منذ زمن فيسافر من أجل السياحة أو أن يكون في رحلة عمل مثلا، ومن هنا نجد أن تلك السلوكيات وقياسا عليها إنما تنقل صورة من عدم الوعي للإنسان في إدارة أموره الأسرية والمادية، فالسفر لم يكن يوما رديفا للقروض الدائمة والتي تعوق الإنسان وتعرقل حركته ولكنه نوع من الحاجة للترفيه تلك الحاجة التي لا بد أن تقوم على أسس سليمة وهذا ما يشير إلى أن القروض لم تكن يوما شيئا سيئا أو رديئا بل إنها تسهم في بناء الجانب المادي إذا ما استثمرت بالشكل الصحيح، ولكنها في المقابل قد تكون طوقا من الهم والضغط، فهل يبعد البعض عنه تلك الضغوط؟