تحور نماذج النقل الجوي

عندما تشكل نموذج النقل الجوي الاقتصادي في الولايات المتحدة في السبعينيات، كان ذلك التشكل ليس إبداعاً أو تجديداً في حد ذاته، بل كان أشبه بتحور النموذج التقليدي، أو النقل الجوي الفاخر، بسبب المناخ الاقتصادي السائد في تلك الفترة. وعندما انتقل هذا النموذج لأوروبا في الثمانينيات وجد في تلك القارة أفضل بيئة عملياتية واقتصادية وتشريعية له، فأصبح هذا النموذج حديث عالم المال والأعمال في أوروبا وبلغ ذروته في منتصف التسعينيات، حيث شهدت أوروبا ولادة عديد من الناقلات الجوية الاقتصادية. في الوطن العربي اليوم نحو عشر ناقلات جوية اقتصادية، كلها نسخت النموذج الأوروبي بحذافيره اعتقاداً منها أن هذا النموذج ناجح لذاته فقط دون الحاجة إلى إطلاق حريته ليتحور مع حالة الأسواق، مما أوقع أكثرها في خسائر، والرابح منها يحقق أرباحاً هامشية بسيطة. حديث الصناعة اليوم هو التحور العكسي لنموذج النقل الاقتصادي لتوفير منتجات خاصّة أكثر راحة مثل إعادة تأثيث الطائرات، لتشمل مقاعد أكثر اتساعاً، بل إن ناقلات أوروبية أعادت تجهيز طائراتها بمقاعد من فئة درجة الأعمال. يُعاب على جميع الناقلات العربية ما عدا واحدة منها غياب روح التحور لديها كي تتلاءم مع تغيُّر الأسواق، وبالتالي قدرتها على تكبير العوائد المالية، خاصة تلك الناقلات العاملة من مدن لدول ذات مزيج متجانس من القدرات الشرائية للسكان. الكويت من أهم الأسواق في المنطقة كحاضن لناقلة جوية أو ناقلتين تعملان ضمن النموذج المتحور لتحقق الشرائح الاستهلاكية المعنية، فمن المتوقع أن تصل الحركة الجوية في مطار الكويت الجديد إلى 15 مليون مسافر بحلول عام 2015 بقيمة إنفاق على السفر الجوي تصل إلى عشرة مليارات دولار. وعندما يحقق الجانب الوطني المناصفة مع الناقلات الأجنبية، فإن ذلك الإنجاز حد الرضى الأدنى وهو الغائب اليوم عن صناعة النقل الجوي العاملة من مطار الكويت الدولي. الناقلات المتحورة ستظهر أيضاً في مطارات عربية غير الكويت مثل الدوحة التي تفضل إبقاء ناقل استراتيجي واحد عن إنشاء فروع لناقلات اقتصادية تعمل ضمن مظلة الخطوط القطرية. فمطار الدوحة سيكون المطار العربي الأول من حيث التربع على المنصة الشرائية الأقوى في المنطقة، ونموذج الناقل الوطني الأوحد خيار غير استراتيجي لدولة تسعى لشمولية واستدامة في التنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي