ثقافة الهبل .. مرة أخرى !؟
تناول المقال السابق ظاهرة شيوع سلوكيات التجمهر حول الحوادث لدى شبابنا السعودي واقتراح تحرير (مخالفة إعتراض) لكل شخص أو مركبة يثبت تعطيلها لاجراءات الاسعاف أو الحماية أو الإنقاذ من قبل إداراة المرور وإدارة الدفاع المدني تبدأ من 500ريال مع سحب المركبة وتغريم صاحبها وسائقها بما يضمن عدم تكرار التجمهر حتى لو أضطر الأمر إلى الحبس مع الغرامة. وكان الهدف من الاقتراح وضع نظام للقضاء على (ثقافة الهبل) قبل أن تتفاقم وتصبح سمة كل حادث أو أزمة أو كارثة لا سمح الله.
وقد وردني العديد من تعليقات القرّاء النيّرة تسائل في إحداها القاريء حاتم عن كون "الغرامات والتنكيل والوعيد الشديد للمخطىء هي أول الأفكار والحلول للكتّاب والمسئولين لحل مشكلة ما، وأن التوجه السائد عند معظم الجهات الخدمية هو وضع غرامات للمخالفين. وتأسّف لكثر المخالفات غير المدروسة حتى أصبحت (كالهم) بدون جدوى ! وفي حالة امتلاك الجهة المخالفة لليد العليا يتم تطبيق المخالفة وعلى المتضرر البحث عن حقه يوم القيامة ". كما أضاف أن هناك عشرات (إن لم تكن مئات) المخالفات التي تحدث بشكل يومي، ولا يوجد تطبيق للغرامات !؟ متسائلاً إن كان الهدف دخول السعودية لكتاب جينيس "للأرقام العالمية" كأكثر مجتمع يعيش بوجود مخالفات غير مطبقة ! أخيراً ... ختم تعليقه قائلاً : أن الطريقة الصحيحة لحل أي ظاهرة اجتماعية خاطئة هو من خلال: تعريفها ثم تحليلها ثم قياس المخاطر ثم إيجاد الحلول ومنها التثقيف وبالتالي التطبيق. ومن وجهة نظري المتواضعة... التعليم من الصغر(في المرحلة الابتدائية) هو الحل الأبدي ".
بينما علّق القاريء عبد الرحمن أن "المتجمهرين نوعان النوع الأول فيهم نخوة وشهامة وشجاعة ويسترون على المصابين ولا يتسرعون في نشر الأحداث غير اللائقة وينقذون ما يمكن إنقاذه وهؤلاء عليهم أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الأحداث وهم أبطال ويشكرون على سعيهم، النوع الثاني فيهم التطفّل والهمجية والمسابقة لنشر الفضائح والوقائع غير اللائقة في قنوات النت المستعارة، وهؤلاء يتسابقون كالفئران المتجمّهرة وهم جبناء لايسعفون مصاباً ولا يسترون جواباً ولا يشكرون على سعيهم" !
أؤمن شخصياً بمقولة "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" وأن هناك نوع من البشر لا يردعهم إلا (السلطان) أي النظام وإيقاع المخالفة وإنزال العقوبة، ولنا في تطبيق غرامة حزام الأمان وتجاوز الإشارة الحمراء دليل . المهم أن تطبق المخالفات على الأمير والوزير والغفير ولا تقام على الضعيف أو من لا ظهر له. لم يعد التجمهر ظاهرة بل هو مشكلة تتضخم وتكبر ومازلنا نحلل أسبابها ونشخص الواقع ونحاول جاهدين التثقيف والتطبيق. ياليت المعلم والمنهج والسلوك يطيعوا ما أشرت به لكي يُغرَس في الصغر ولا يشتكي من تهاوننا الحجر!
وإن كان الدفاع المدني والهلال الأحمر وخفر السواحل سيتباطؤون ويمشون الهوينا ليموت من يموت ويغرق من يغرق مرجعين الأسباب بعدها إلى قضاء الله وقدره، فإني أؤيد النوع الثاني من التجمهر (تجمهر الأبطال القادرين) من ينقذ ويخاطر بروحه فداءً لأرواح الآخرين، إلى أن يستيقظ المقصّر من سباته العميق. مرة أخرى (ثقافة الهبل) لجمهور متمرّس تعدّ طوق نجاة لبعض المنكوبين، المهم أن يكونوا من النوع الثاني من المتجمهرين !.