«إيسوزو» .. ليكن للصناعة نصيب الأسد

قرار شجاع وجهود جبارة كانت وراء موسم حصاد ناجح، وخطوات جادة مخلصة حولت الحلم إلى حقيقة، ونقلت الوطن إلى موضع يستحقه، وسارت به نحو مداه الواسع الفسيح، وأصبحت الأعين بعد الأسماع تتلقف بفخر كل عبارة تنطق بفرح: صُنع في المملكة العربية السعودية.
لقد دخلت المملكة عالم الصناعة عبر بوابة السيارات، وأنا واحد من ملايين الناس الذين أجزم أنهم يتبادلون التهاني فيما بينهم لوصول أبناء المملكة إلى هذا الإنجاز، ويسعدني أن أتقدم لمن رسم هذه الفرحة، وحفر على جدار الزمن مفردة ''صُنع في السعودية'' التي طال انتظارها باسمى آيات الاحترام والتقدير، وهذا ما نطمح ونرغب فيه لكونه يقود إلى جذب الاستثمارات التي تخلق فرصاً وظيفية، وتقدم إضافة فاعلة للاقتصاد الوطني.
إن أي دولة تبحث عن الريادة الاقتصادية في العالم، يتعين أن تكون لديها ريادة صناعية، وأن هذا الحدث الكبير سيفتح نحو ما يقارب أربعة آلاف وظيفة لأبناء هذا الوطن الغالي، وليس هذا فقط، بل سيسهم في تنويع الاقتصاد الوطني، ولكي يكون لهذا الحدث الباهر جدواه وصداه ومداه، أتمنى من وزير التجارة والصناعة أن يخصص مدينة متكاملة لصناعة السيارات في المملكة على غرار ديترويت في الولايات المتحدة.
مؤكد أن كل الأمور العظيمة تبدأ بحلم، وأن الحلم يبقى حلماً ما لم يتحقق، ولكي يتحقق يجب أن نحوله إلى هدف يعيشه الجميع، وينعكس على جميع القطاعات في المملكة من تعليم وتجارة وخدمات، ومنها صناعة السيارات التي تحتاج إلى الكثير من الصناعات المساندة أو ما يعرف بالـsupply chain.
ولتحقيق هذا الطموح الحيوي من المهم أن ندعم جهود العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المملكة بعمل شراكات مع شركات أجنبية، ويشترط في هذه الشراكات أو من يرغب فيها أمران، الأول: أن يكون هناك تصنيع ونقل تقنية للمملكة، وأن يكون عدد الأجانب في الشركة بما لا يقل عن عدد السعودين.
أما المرجو من هيئة الاستثمار ووزارة التجارة والمدن الصناعية أن تمنح الأراضي الصناعية للشركات التي ترغب في الاستثمار في قطاع السيارات مجاناً، ولكن بشروط منها: أن تكون المملكة هي المصدر لمنطقة الشرق الأوسط، ويكون مقر الشركة الإقليمي في المملكة، ويتم إنشاء مراكز تدريب تستقطِب فيها أبناء البلد وتوظفهم بعد تدريبهم في مركزها، وأن تكون هناك معادلة رياضية تحتسب في المتر المجاني الممنوح في كل أرض بحسب نسبة توظيف السعوديين فيها.
كما لا يجب علينا أن نغفل الجانب النسائي في تشغيل بعض الخطوط الصناعية في مجال السيارات، فمن المعروف عالمياً أن أفضل من يعمل على الخطوط الصناعية في إنتاج معين هن النساء لما لهن من قدرة على العمل بدقة وإتقان في الأمور الدقيقة.
من المهم أن نشكر وزارة التجارة على هذه الجهود التي تبذلها وفرقها العاملة، ولكن في الوقت نفسه لا نريد لـ ''آيسوزو'' أن تكون وحدها في الساحة، وإنما نريد أن ينضم إليها نظراؤها من الشركات العالمية لصناعة السيارات والمحركات، وأتمنى أن يكون هناك فريق عمل متخصص يعمل على جذب هذه الشركات لتحقيق هذا الهدف المهم أيضاً .
إن الصناعة أمر مهم جدا، وأن التنوع الصناعي يعزز الاقتصاد الوطني، ومن كل قلوبنا نتمنى أن يكون للصناعة نصيب الأسد في ميزانية ٢٠١٣، وأعتقد أن من الواجب على صندوق الاستثمارات الوطنية ومؤسسة التأمينات الاجتماعية أن تسهم في مثل هذه المشاريع التنموية التي ستعود على الوطن بالكثير من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، كما أتمنى أن تكون هناك مدينة متكاملة لصناعة السيارات يراعى في اختيارها سكانها قبولهم لنوعية الوظائف المعروضة فيها، ومن المهم أن يكون مكانها الاستراتيجي قريباً جداً من الموانئ، والأهم من هذا، يجب أن نستثمر في المدن التي لم يتم الاستثمار فيها إلى الآن، لننعشها، ونوقف الهجرة الداخلية إلى المدن الكبيرة.
إن النجاح في تجربة المدن الصناعية يفتح أمامنا آفاقاً أخرى، أبرزها الصناعات النفطية، ولا سيما أن العميل الأساس أرامكو ''منا وفينا'' ويمكن بسهولة جدا أن ننطلق بهذه الصناعة، وأعتقد أن جميع المستثمرين مستعدون لهذا النوع من الاستثمار لوكانت الطلبات واضحة، وهناك ضمانات للاستثمار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي