الشيخ العريفي.. شكراً

كنتُ، وما زلتُ، وسوف أظل مؤمناً، بأن لمصر مكاناً ومكانة في قلوب الأخوة الأشقاء في المملكة العربية السعودية.. عرفتُ ذلك من حديث مثقفيها ومفكريها وكتابها المنصفين وما أكثرهم، بل كانت كلماتهم - في أحايين كثيرة - أشدُّ وُداً، وأوسع حصراً، وأقوى منطقاً، وأعمق بلاغة، من كلمات أهلها، الذين قسوا عليها وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً!.

وفي تتويج مُبهرِ لما سبق، أنبرى الشيخ محمد العريفي من فوق منبر الحق ليُقصَّ على المسامع قصة الحب والعشق لأرض الكنانة، فراح يُعدد المآثر والمناقب ليُذكِّرَ القلوب الغافلة والعقول اللاهية بالذي غاب عنها من حقيقة، في مشهد انتزع الدمع من العين، والبكاء من القلب، والنحيب من الضمير، وكيف لا، وقد انثالت الحروف نهراً من صدق وتجرد؟!.

أبشرك أيها الشيخ الفصيح بأن سيرتك الطيبة قد استحوذت على أحاديث منتدياتنا في كل مكان، وصار الدعاء لك بظهر الغيب ديدناً تلهج به الألسنة دبر كل صلاة، لأنك أيقظت بصدق الوعظ عزاً في النفوس نام دهراً، وكرامة ضَمُرتْ حيناً تحت معاول اللغو.. فلا أقل من نعطر مجالسنا بذكرك، وأن نرفع أكف الضراعة إلى الله أن يشرح صدرك، وأن يُعلي بين الناس قدرك، وأن يمنحك بقدر ما منحت وهو كثير.

ثم لا أخفيك سراً يا أخي بأنك قد أخجلت لدينا بعض النُخب الذين عبَّروا عن مصر أسوأ تعبير في وسائل الإعلام وهم يعرضون بضاعتهم الراكدة على متون فضائيات تخصصت في عرض المساوئ ونشر الفضائح، حتى كاد القريب قبل البعيد يقول.. يا حسرة على مصر!. لقد ردعت بقولك البليغ المُطرز بحقائق التاريخ أقوال تُجار الكلمة وهواة نشر «الغسيل» الرديء، فبُهتَ المتاجرون والمثرثرون وانكشفت سوءاتهم على رؤوس الأشهاد، ولعل رسالتك تصل إلى نفوسهم البليدة.

أوقن أنك وأمثالك من أرباب الكلمة السامقة لا تبتغون مدحاً ولا ثناءً، وأنك ممن يعملون من أجل خير الأمة وابتغاء مرضات الله، ولكني واتساقاً مع ما أفضتَ به من حق، أعلي ذكر الصادحين به والعاملين من أجله، ومن لا يشكر الناس لا يشكر ربَّ الناس، وعليه فإني أغبطك، وأشدُّ على يدك، وإنْ كنتُ أملك المَجيء لجئتك وقبلتك رأسك، ولكني من هنا من فوق أرضي الأبية أدعو لك بكل ما ملكت من إخلاص أن يكثر الله في الأمة منك، فأنت - ومن هم على شاكلتك من أهل العلم والفقه والموعظة الحسنة - أملها في بلوغ ما ترجو من غدٍ قريب نتوحد فيه بصدق لنبلغ غايتنا بحق.

أملي أن تصلك رسالتي هذه وأنت مغمور بالصحة والعافية، فإن وصلتك فأقرئ كاتبها السلام، ووجه إليه من قلبك الطاهر ومن بلدك الطاهر دعاءً لربِّ السماء.. جمعني الله وإياك وسائر المسلمين في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في مستقر رحمته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي