مرسوم رفع التشريعات السعودي (2 من 2)
تكملة للمقال الأول، يجري اليوم العمل على تنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي صدر أخيرا والقاضي بإعداد شرائح تعرفة النقل الجوي الداخلي في مبادرة مشابهة للمبادرة التاريخية المعروفة بـ (رفع التشريعاتAirline Deregulation) التي طبقتها الحكومة الأمريكية عام 1978م. التوصل إلى شرائح التعرفة ليس بالأمر السهل لأسباب متعددة أهمها طبيعة الاقتصاد السعودي القائم على تملك الحكومة للمورد الرئيس لعائدها القومي وهو النفط، ولذلك فإن الحاجات الأساسية لمواطنيها حق مشروع. هذا يقود إلى تعريف الخدمات الأساسية ومن ثم الخدمات الثانوية للمواطن وكيف يتم إسقاطها على قطاع النقل بوجه عام وقطاع النقل الجوي بوجه خاص. الحكومة لم تبخل في الماضي والحاضر على قطاع النقل البري مثلا حيث تصنف المملكة من الدول المتقدمة على مستوى العالم في شبكة الطرق، ولهذا فإن فريق إعداد شرائح تعرفة النقل الجوي عليه إدراج عامل (إتاحية النقل البري) في الدراسة بغية الوصول إلى شرائح مرضية لجميع المواطنين بما فيهم سكان المناطق البعيدة. على سبيل المثال، النقل بين المنطقة الشرقية ومنطقة الرياض فيه تقارب عاملي العناء والوقت برا وجوا ولهذا يجب عدم احتساب عامل المسافة فقط للوصول إلى شرائح أسعار النقل الجوي الداخلي، بل يجب أن تكون الدراسة تعتمد على التكاملية. عامل (القدرة الشرائية) من العوامل الرئيسة في الدراسة ويعكسه متوسط دخل الفرد الذي يتدنى لدى سكان المناطق البعيدة من المدن وهذا العامل يصنف من العوامل الحرجة لأنه يرتبط بالتكافل المجتمعي ومن ثم التكافل الوطني ومن ثم الأمن الوطني. فرغم مرور عشرين سنة على خصخصة قطاع النقل بالقطارات في بريطانيا - التي تعتبر رائدة الخصخصة في العالم - ورغم طبيعة اقتصادها الرأسمالي، لا تزال الحكومة البريطانية تدعم شبكات غير مربحة وتنفق على ذلك مليار دولا سنويا. أتمنى من الفريق المكلف بإعداد شرائح الأسعار عمل منهجية محكمة تبدأ أولا بالتعرف على أسعار خطوط جوية فاعلة Efficient Airlines كون الدراسة في بدايتها ستعتمد على التكلفة التشغيلية المباشرة للطائرات خاصة A320 التي هي عماد الخطوط السعودية في رحلاتها الداخلية، ومن ثم تكبر دائرة الدراسة لتشمل العوامل المهمة التي ذكرتها في أول المقال.