المنشآت الصغيرة والمتوسطة تبحث عن وجود.. فمَن يفتح لها الباب؟
مهما تحدثنا عن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يبقى هذا القطاع محتاجاً إلى المزيد من الإشارات وتسليط الضوء حتى يأخذ مكانته في البناء والتنمية والحضارة أيضا، فمع أن اسمه يوحي بقلة ما يمكن أن يقوم به من دور، إلا أن حجمه في قطاع الأعمال ثقيل جداً، ورقمه مؤثر في كل المعادلات الاقتصادية ليس على صعيد مملكتنا العزيزة فقط، وإنما على صعيد العالم كله.
وكلنا يسمع أو يقرأ عن أهمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ودورها في تنمية الاقتصاد والوطني من حيث العائد على الناتج القومي والتوظيف، ومع كل هذه المزايا وغيرها مما هو أكثر مثل توفير فرص العمل، والحد من نسبة البطالة، وتقليل الاعتماد على المنتوج الأجنبي، ولكن المشكلة في المملكة تكمن في البحث عمن تشمله صفة هذا القطاع، وهذه بالفعل مشكلة، إذا أردنا حلا لها يجب أن نواجهها، أو نبحث عن أفضل الحلول لها.
ومن خلال نظرة بسيطة على تجارب خارجية، نجد أن القفزات التي تحدث في الاقتصاد الهندي بشكل مستمر تعود لدور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في نجاحه، فهو القطاع الذي يسند الاقتصاد الهندي، ويعد بمثابة صمام الأمان لهذا الاقتصاد، حيث ينتج ما نسبته 45 في المائة من إجمالي إنتاج القطاع الصناعي و40 في المائة من إجمالي الصادرات إلى الأسواق العالمية، ويوظف 60 مليون شخص بمعدل 1.3 مليون وظيفة في السنة الواحدة، ولكي يتحقق هذا النجاح في بلادنا يتعين على القائمين في هذا القطاع التعرف إلى المستفيدين منه، والإفادة من الخبرات، ووضع البرامج والخطط التي قامت بها الهند على هذا النحو:
فقد تم تقسيم قطاع المصانع والاستثمار الصناعي إلى ثلاثة أقسام هي منشآت متناهية الصغر، وهي التي وتحقق مبيعات بنحو 232,500 ريال في السنة، والصغيرة التي تحقق مبيعات بنحو 232,500 ريال إلى 4,687,500 ريال في السنة، والمتوسطة التي تحقق مبيعات بنحو 4,700,00 إلى 10,000,000 ريال في السنة، وهذا التقسيم على القطاع الصناعي فقط.
أما قطاع الخدمات والاستثمار في المعدات، فقد تم التقسيم على غرار قطاع المصانع والاستثمار الصناعي ولكن مع اختلاف المبيعات السنوية كالتالي: منشآت متناهية الصغر، وهي تلك التي تحقق مبيعات 100,000 ريال في السنة، والصغيرة التي تحقق مبيعات بنحو 100,000 ريال إلى 1,800,000 ريال في السنة، والمتوسطة التي تحقق مبيعات بنحو 1,800,000 إلى 5,500,000 ريال في السنة.
ولم تكتف الهند بذلك، بل أنشأت غرفة تجارية متخصصة تتابع وتهتم بقضايا هذا القطاع حتى وصل إلى ما وصل إليه، فالقضية تحتاج إلى تجربة، ولا يمكن تطبيقها بين ليلة وضحاها.
وإذا أردنا أن نطور هذا القطاع في المملكة في أيامنا القابلة فيجب أن نواجه المشكلة كما قلنا أعلاه، وهي أن نحدد معالم هذا القطاع غير الواضحة، ونعرف من هم المستفيدون منه، وما هي مشكلاتهم، فما يوجد لدينا ليس سوى عموميات فقط، ولا توجد أي معلومة دقيقة نستطيع من خلالها أن نبني خططاً أو نصمم برامج لهذا القطاع.
من المهم أن تكون الخطوة الأولى في تحديد هذا القطاع على قواعد دولية متبعة، ونبدأ من حيث انتهى الآخرون، ولا نداري الفشل فنقول إن لمجتمعنا خصوصياته، وأرجو أن نعجل بتأسيس هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن دونها لن يكون لهذا القطاع دوره ولا مكانته.
من المهم أيضاً، أنه وعند إنشاء هذه الهيئة لا بد أن نعمل سويا لتكون مظلة شاملة تراعي وتدافع عن حقوق هذا القطاع، وليس هذا فقط، بل تكون من أولى مهامها العمل على تطور هذا القطاع والقفز به إلى المقدمة ليكون - كما نتمنى دائما - من أقوى دعامات الاقتصاد الوطني.