دراسة: القاسم المشترك لمضمون التلفزيونات العربية الترفيه وأفلام الجريمة والعنف

دراسة: القاسم المشترك لمضمون التلفزيونات العربية الترفيه وأفلام الجريمة والعنف

حذرت دراسة علمية أصدرتها جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات، التي أعدها الدكتور ياس خضير البياتي، من كلية المعلومات والإعلام والعلاقات العامة في جامعة عجمان، التي حملت اسم ''الغزو الإعلامي والانحراف الاجتماعي: دراسة تحليلية لبرامج الفضائيات العربية'' من الأضرار البالغة التي قد تصيب العالم العربي جراء انتشار برامج ''تلفزيون الواقع'' المقتبسة من الغرب على القنوات الفضائية العربية، التي تجمع شبابا وفتيات في مكان واحد، ودعت إلى استراتيجية عربية للتصدي لما اعتبرته ''غزوا أجنبيا'' للإعلام العربي من خلال الفضائيات.
كما لاحظت الدراسة أن القاسم المشترك لبرامج القنوات الفضائية العربية هو المادة الترفيهية، وأفلام الجريمة والعنف والرعب والجنس، ''أي أن ثقافة الصورة تطغى عليها أكثر''، مسببة ''ظاهرة سلبية تتمثل في الاغتراب، والقلق، وإثارة الغريزة، والفردية، والعدوانية، ودافعية الانحراف، وسلطة المال والنساء، وحب الاستهلاك، والأنانية، والتمرد''. وأشار مُعِدّ الدراسة إلى أن هذه المفردات تؤثر في ''إدراك الشباب وسلوكهم ومعارفهم، بحيث تتحول من صورة ذهنية إلى نشاط عملي، عن طريق المحاكاة والتقليد وعمليات التطويع الاجتماعي''.
وبينت الدراسة أن هذه البرامج تسهم في ''تعميق الانحراف الاجتماعي، وتدمير قيم الشباب الإيجابية وهويتهم الثقافية''. وجاءت تلك الدراسة لترصد تداعيات التجربة، التي بدأتها عدد من القنوات الفضائية العربية منذ نحو العام وتركزت على عرض نسخ معربة من برامج أمريكية وأوربية، تقوم فكرتها على إقامة عدد من الفتيان والفتيات في منازل وسط ظروف محددة، أمام كاميرات تلفزيون، بينما يعيشون حياة طبيعية. ويتولى في هذه الأثناء مشاهدو هذه القنوات اختيار أفضل هؤلاء المشاركين؛ ليصبحوا مغنين أو راقصين. وأظهرت الدراسة، أن وسائل الإعلام العربية ''شاركت بدور أساسي في تعميق الغزو الإعلامي الأجنبي، من خلال مدة ساعات البث المخصصة للمواد الأجنبية، وبروز ظاهرة البرامج الواقعية، أو ما يسمى (تلفزيون الواقع)، دون أن تأخذ بنظر الاعتبار قيم المجتمع العربي وتقاليده وأنماطه الاجتماعية''.
وحول المشكلات الاجتماعية المتوقع أن تنشأ بسبب تلك البرامج حذرت الدراسة من أنه ''من المحتمل أن تخلق برامج الفضائيات العربية الاضطراب الاجتماعي، وعدم الاستقرار في العلاقات العامة الاجتماعية، وتنمية الفردية والروح الاستهلاكية، والهروب من التصدي لواقع الحياة، والاستسلام له، وتوطين العجز في النفوس، وإضعاف الروابط الأسرية وقيمها، وتعميق المشاعر الذاتية أكثر من الالتزام الجماعي، والانبهار بالموديل الأجنبي، على حساب الهوية الثقافية، وكذلك تراجع الانتماء، وازدياد اليأس والإحباط''.
كما أشارت الدراسة ''إلى ضرورة الانتباه إلى هذه الظاهرة، على أنها قد تحمل توجهات سياسية وفكرية ملغومة، تريد تدمير الواقع العربي، وثقافة المجتمع وقيمه''. وأثارت الدراسة تساؤلات حول شيوع هذه الظاهرة الإعلامية في الحياة العربية وتوقيتها، ووجدت أن العامل الأساسي ''هو التسابق غير المشروع، على جذب الشباب، لأسباب تجارية مادية، ودخول المال العربي، بشكل سلبي، إلى الإنتاج الإعلامي والفني، دون اعتبارات للواقع الاجتماعي''، مشيرة إلى أن الاستثمار في هذا المجال أصبح يأخذ مداه السلبي في تعميق ثقافة الإثارة.
وأبانت الدراسة أن الأسرة العربية تعيش تحديا خطيرا في مواجهتها المفتوحة مع زخم إعلامي فضائي، ليس لها من الوسائل الكثير ‏لمواجهته، على اعتباره خطرا داخليا يستفيد بالدرجة الأولى من اللغة وثانيا من عجز الرقابة أو انعدامها أصلا، فلا يبقى ‏أمام ضعف خطوط الهجوم لدى الأمة إلا تعزيز المقدرات الذاتية للدفاع، و لا يتم ذلك إلا بتحصين الناشئة من سماء تمطر ‏ميوعة.‏

الأكثر قراءة