الدين مقدس لكن هم لا

عزيزي القارئ قبل أن تبدأ بقراءة مقالي أتمنى منك أن تفكر بعقلك أولاً،قبل أن تطلق العنان لظنونك من هدف المقال الأساسي ،فكثير ممن تطرق إلى هذه القضية تم اتهامه بمعادة الدين وأهله والكثير أنصبة عليهم سيل من الشتائم والقذائف الكلامية،لمجرد أنهم انتقدوا تصرف أو فكرة صدرت من هؤلاء،وفي الغالب كانت الانتقادات نابعة عن خوف انسياق شعبي لأهداف هذه الفئة,التي تبطن كل ما تريد بالطابع الديني,من اجل تحقيق أهداف شخصية أو أهداف اكبر من ذلك،قد تمتد إلى الإخلال بأمن الوطن .

نحن في السعودية كمجتمع,يحضا الداعية بمكانة اجتماعية كبيرة ,وهذه المكانة نابعة من حبنا وتمسكنا بالدين الإسلامي,على الرغم من التفاوت في درجات تديننا,إلا أن الوازع في الغالب يكون موجود,حتى وأن لم نتقيد بتعاليم الإسلام بشكل كامل,لذلك نجد البعض يثار غضبه عندما يتم انتقاد داعية أو حتى شخص يظهر بمظهر ديني,وهذا الغضب ينتج بسبب أن هذا الشخص يمثل الدين,وهو في الحقيقة ليس كذلك,فالدين الإسلامي,دين سماوي,ومن علمه إلى البشرية ,هو نبينا محمد صلى الله علية وسلم,و الداعية هو مجرد ناقل لهذا الدين وتعاليمه,لذلك قد ينتج عن ذلك إخفاق أو سوء فهم أو تقدير ,وبالتحديد في القضايا الشرعية التي لا يوجد بها نص واضح من القران الكريم أو السنة النبوية ,كما إن مفهوم التدين يختلف من شخص إلى أخر,فحتى علماء الدين نجد تفاوت كبير في طول اللحية مثلاً وطريقة ترتيبها,وفي طول الثوب ,ولبس العقال ,وغيرها من الأشياء التي تعتبر من الأمور التي تعود إلى الشخص نفسه .

نتذكر جميعاً ما مر بنا من فترات عصيبة سابقة,انتشر بها الإرهاب و العمليات الإرهابية من تفجيرات وقتل للأجانب العاملين في السعودية بالإضافة لإزهاق الكثير من لأرواح البريئة والأطفال واستهداف العسكريين الذين لا ذنب لهم سوء أنهم كانوا يدافعون عن امن الوطن وأبنائه,ونتذكر جيداً كيف أن قياديين الإرهاب كانوا يتخذون من الدين الإسلامي وسيلة لتجنيد الشباب ضد الوطن,وكيف كانت الفتاوى تتوالى منهم على تكفير الدولة وكل من يقف معها,والمحزن في الأمر أن من قام بعمليات التفجير كانوا شباب في مقتبل العمر لكن استطاع دعاة الإرهاب ادخل فكر التكفير في عقولهم وأمنوا بها,وشاهدنا ذلك واضحاً من خلال ما انتشر من مقاطع فيديو تسبق عملياتهم الإرهابية .

نتفق جميعاً كمسلمين أن الدين الإسلامي مقدس,وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مقدس,لكن الدعاة ليسوا مقدسين ,لأنهم بشر مثلنا ,وبالتحديد في غير الثوابت الدينية ,فانتقادهم في بعض الفتاوى الشاذة,أو الأفكار أو التصرفات,التي لا يوجد بها نص صريح من القران الكريم أو السنة النبوية أمر إيجابي ومقبول,وبالتحديد في القضايا الهامة التي يحاول البعض منهم تجيش المجتمع في صفة,كما يجب أن نبتعد عن الغلو والتقديس المطلق لهؤلاء,لان ذلك يخالف تعاليم ديننا الإسلامي ,وهذا كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم,إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) وهذا أمر واضح من نبينا الكريم,ينهى أصحابة بعد الغلو فيه ,وهو بالتأكيد يوحى إليه من الله,فكيف بنا كمسلمين نغلو في بعض الدعاة ونخالف أمر رسولنا الكريم !!

النقطة الأهم في الموضوع أن النقد في الغالب لا يطول إلا الدعاة أو الوعاظ الذين يأتون بالعجائب في الفتاوى أو يأتون بالفتاوى التحريضية أو التقديسية لهم,والتي تكون تهدف في الغالب لتحقيق أهداف محددة ,وتغليفها بالطابع الديني هو ما يجعل الأمر يكون غير قابل للنقاش أو الرفض من أحد أفراد المجتمع,وهذا بالتأكيد بسبب التقديس الذي زرعوه في عقول أبناء المجتمع,ولو كان المجتمع يقبل النقد أو النقاش لما تجرى احد من هؤلاء الدعاة أو الوعاظ لمثل هذه التصرفات,فقدسوا الدين الإسلامي والرسل وحافظوا عليه,ولا تقدسوا احد من البشر يعيش بيننا الآن يستغل قداسة الدين من أجل أهداف محددة .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي