أكره القراءة وأحب الواتس أب !!
دار بيني وبين أحد الشباب حديث عن القراءة وأهميتها ، ولكني انصدمت عندما قال : أني لا أحب القراءة ، وليست المشكلة في تلك الجملة فقط ، فنحن نعلم وللأسف أننا أمة لا تقرأ ، لكن سبب الصدمة والذهول أن هذا الشاب جامعي. وعندما سألت شخصا آخر عن برنامجه للقراءة قال : أنا مشغول !، إذا كانت هذه الفئة سواء جامعية أو أكاديمية أو نخبوية أو مثقفة أيا كان أسمها لا تقرأ ، فمن يا تُرى الذي سوف يقرأ ؟!.
وأما إذا نظرنا إلى الشريحة العامة للمجتمع فمعدل الإلمام بالقراءة والكتابة بحسب إحصائية عام 2002 توضح أن السعودية أتت في فئة المعدلات المتوسطة بين الدول العربية ، فما هو المعدل المتوقع لو قارناها بالدول المتقدمة ؟!. وهناك تقرير لبرنامج التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2007 يبين أن ترتيب السعودية هو 112 من قائمة تشمل 177 دولة وذلك بحسب نسبة المحصلين (القادرين على القراءة والكتابة ونحوهم).
وربما هناك أسباب وعوامل أخرى زادت من نسبة العزوف عن القراءة حتى أصبحت ظاهرة متفشية بين طبقات المجتمع المختلفة. منها مزاحمة التكنولوجيا لها ، فنحن مشغولون بالإيميلات والفيس بوك ، وبالتوتير وما أدراك ما توتير. ومن بعدهم طل علينا الضيف الجديد الذي غزانا حتى في غرف نومنا !، وربما يشاركنا أحلامنا في اليقظة والمنام إنه المحبوب الأول الواتس أب.
ليس هذا مقام بحث الموضوع بتفاصيله ، ولكن ربما هناك بعض النقاط قد تساعد في معالجة وتحبيب القراءة للنفوس خاصة مما لا يميلون إلى حب القراءة ، ولا أقول يكرهون القراءة !.
إذا شئت أن تبدأ في طريق القراءة فابتعد عن المنهجية والجدولة في القراءة بمعنى لا تعقد الأمور لأن ذلك مما تنفر منه النفوس في البدايات ، بل ابدأ على سجيتك , واختر الكتب التي تهواها مثل القصص القصيرة أو الراويات أو قصص من التاريخ وغيرها. وابتعد كل البعد عن الكتب التي تحمل مضامين فلسفية معقدة أو تستخدم اللغة الصعبة في الطرح لأنها قد تصبيك بنوع من الإحباط.
ومهم أيضا أن تختار الأوقات المناسبة لك حتى ولو كانت متقطعة ومتباعدة فالمقصد الأول هو أن تعتاد تدريجيا على القراءة وليس أن تجبر نفسك على القراءة إجبارا ، لأن هذه مرحلة مهمة في تطويع النفس على هذه المهارة.
إذا شعرت أن عجلة القراءة بدأت في الدوران فحدد لنفسك عدد من الكتب سنويا لتقرءاها ، وابتعد عن الإلزام اليومي للقراءة لأنه فيما اعتقد قرار تعسفي ! خصوصا للمبتدئين ، المهم هو انجاز عدد معين من الكتب في السنة حتى ولو كان العدد قليل لأن المراد أن تصبح القراءة عادة.
وأخيرا ، إذا وصلت إلى مرحلة العادة فقدت خطوت الخطوة الأولى على الطريق الصحيح. والآن لن تحتاج إلى الكثير من النصائح والتوجيهات لتشد من عزمك لمواصلة المسير ، لأن الكتاب سوف يرشدك ويشجعك من تلقاء نفسه فهو خير صديق ومرشد في طريق الحياة.