العبها صح !!
لا اعتقد أننا نحتاج إلى جهد كبير لإثبات أهمية العمل للإنسان , فهو معلوم بالمشاهدة والمنطق , وله دلالات كثيرة من الناحية الدينية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى النفسية. وهو أيضا مما تعارف على أهميته عدة شعوب في حضارات مختلفة .
والعمل سوء كان في قطاع عام أو خاص يأخذ حيزا كبيرا من أوقاتنا , وهو قد يؤثر تأثيرا بالغا على الأدوار الأخرى في حياتنا . وأتذكر في هذا السياق تصريح لأحد المسئولين الذين وصلوا إلى منصب كبير ومهم في قطاع العمل الخاص حيث قال بعد تقاعده (فيما معناه) : عرفت أن عملي قد اقتطع جزء كبيرا وللأسف من دوري كأب.
أدوارنا في الحياة كثيرة ومتنوعة , وقد تختلف بعض الشيء من شخص إلى آخر, ولكن هناك طابع عام يندرج تحته شريحة كبيرة من المجتمع. هذه الشريحة لتي أعنيها هي الموظفون في القطاع العام أو الخاص على اختلاف مناصبهم ودرجاتهم الوظيفية.
تلكم الشريحة قد يسرقها الوقت وتتخطفها السنون فتجد نفسها قد انكبت على العمل بشدة . بل إنها حتى خارج أوقات العمل مازالت منغمسة فكريا فيه , والذي قد ينعكس سلبا على سلوكها في باقي الأدوار.
المقصود أن هناك أدوارا رئيسية أخرى قد نغفل عنها وهي لا تقل أهمية, وربما هي الأصل والأخرى تأتي تبعا. لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر دور الأب أو الأم والذي قد يمتد تأثيره إلى جيل قادم . وقد تتفكك أُسر , ويضيع شباب وشابات بسبب إهمالنا أو تقاعسنا أو طغيان دور على الآخر. وقس على ذلك باقي الأدوار الاجتماعية و الثقافية والمهنية.
إذا ما هو الحل ؟ , الحل هو التوزيع والتوازن بين الأدوار حسب الأهمية والتأثير, وذلك حتى نبدع ونخرج مكنون طاقتنا. وقد ذهب بعض أهل التخصص في هذا المجال والمنظّرون إلى الإسهاب بكثرة في عدد الأدوار مما قد يَصعُب على الكثير منا تطبيقه على أرض الواقع !. ولكني اعتقد أننا لو حددنا لأنفسنا عدد قليل ومحدد من الأدوار مع التركيز فذلك سوف يعطي نتائج مذهلة.
ويدل على قضية توزيع الأدوار مع التركيز ما قاله سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما " إن لربِّك عليك حقًّا، ولنفْسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه".
وأخيرا أحب أن أؤكد على أن هذا المقال ليس دعوة لتراخي والكسل عن دورنا في العمل والحياة المهنية, ولكن كما يقولون أهل الرياضة " وزع جهدك والعبها صح".