الإذاعة تصمد في وجه الإعلام الجديد بقوة التنوع الخيالي

الإذاعة تصمد في وجه الإعلام الجديد بقوة التنوع الخيالي
الإذاعة تصمد في وجه الإعلام الجديد بقوة التنوع الخيالي

على الرغم من تكاثر عناصر وسائل التواصل الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية والوسائل المرئية كالبرامج التلفزيونية، نجد أن المحطات الإذاعية لا تزال صامدة في وجه التغيرات المختلفة عبر السنين، واستطاعت الحفاظ على رونقها وتميزها في جذب فئات المجتمع المختلفة بواسطة برامجها المتعددة والمتنوعة، التي تعنى بالشأن الثقافي والفكري والتوعوي والتعليمي والترفيهي.
وبحسب ما أبان مختصون في المجال الإعلامي لـ "الاقتصادية" فإن الإذاعة حاضرة وباقية شأنها شأن جميع وسائل الاتصال الحديثة، وربما كانت هي الأقوى والأكثر جدارة بالاستمرار، لامتلاكها خاصية إشغال العقل بالإبحار في الخيال ووضع الرؤى والافتراضات، إضافة إلى أنها تتطلب أداء مقنعا وتمثيلا متمكنا عبر الصوت فقط دون استخدام الحواس الحركية الأخرى.
وفي هذا الصدد، أوضح الكاتب الدكتور ناصر الحجيلان، أن الراديو يعد صديق الإنسان في جيل الآباء والأجداد، لكونه كان وسيلة جيدة لمعرفة كل ما يدور حولنا، ويمثل عالمنا لمواكبته الأخبار والأحداث والقصص والحكايات، ولذا فإن أهمية الراديو لا تزال قائمة، خاصة للأجيال التي اعتادت عليه، حتى مع وجود وتعدد وسائل الاتصال الحديثة سواء للرجل أو للمرأة، لافتا إلى أن من أبرز ما يقدمه المذياع لمستمعيه هو استحضار الخيال وتنمية صوره وشحن القدرات العقلية على الرؤى ووضع الافتراضات التي لا يمكن لوسيلة إعلامية مرئية أن تقدمها.

#2#

وقال الدكتور ناصر الحجيلان الذي يشغل منصب وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية لـ "الاقتصادية": إن أغلبية الأفراد لديهم ما يزيد على نحو ساعة يوميا، يستغرقونها في السماع للمذياع أو المسجلات خلال أوقات قيادة السيارة ذهابا وإيابا لقضاء مستلزمات الحياة، والملاحظ من المحطات الإذاعية، وجود جماهير متابعة لعديد من البرامج المختلفة، وذلك عبر الاتصالات والطلبات من قبل المستمعين للمحطات الإذاعية، منوها بأهمية عمل دراسات إحصائية لبيان نسبة المستمعين واختلاف جنسهم ذكورا كانوا أم إناثا.
وأردف أنه من خلال سماع بعض البرامج الحوارية والتفاعلية نجد عديدا من المشاركات من قبل كلا الجنسين، ما يدل على أهمية الاذاعة في حياة الإنسان، وقدرتها في جذب المستمعين إليها رغم حدة المنافسة بين الوسائل الحديثة في استقطاب المتابعين، مضيفا أنه لا يجد أي قصور في مواكبة الإذاعة للبرامج المتعلقة بقضايا الناس وحاجتهم، لكونها قادرة على تلبية طلبات المستمعين وتحقيق رغباتهم، لأن المذياع يعطي الفائدة والمتعة معا في آن واحد في جميع الأوقات.
وأبدى الحجيلان أمنيته أن تعاد البرامج والأغاني القديمة التي تفتقدها المحطات الإذاعية في الوقت الحاضر، لكون الطابع الغالب عليها هو بث برامج وأغان حديثة لا يستسيغها جميع متذوقي الإذاعة والفنون التراثية والشعبية.
في المقابل، ذكر سعيد اليامي مدير مجمع تلفزيون الدمام، أن الإذاعة والراديو لا يزالان مستمرين في ظل الإعلام الحديث، خاصة أنه لا يمكن لوسيلة إعلامية إلغاء أخرى، نظرا لتنوع خيارات الناس ورغباتهم، ويقول: الإذاعة هي وسيلة إعلامية مباشرة كبقية الوسائل الموجودة التي لها رونقها وأناقتها وأصالتها، ومما لا شك فيه أن وسائل الاتصال الحديثة لها أثرها في تخفيف الجاذبية والتميز لتوجيه الأفراد إلى خيارات أكثر تعددا، مؤكدا أن الراديو لا يزال وجه كثير من الأفراد الذين يفضلون الاستماع على متابعة الإعلام المرئي.
وتابع اليامي أن نمو وتزايد عدد المحطات الإذاعية الجديدة في السعودية يعد دليلا كبيرا على استمرارية ثقافة المذياع والاستماع لدى شرائح المجتمع، كاشفا عن وجود عدد من التراخيص لإنشاء محطات إضافية على الموجودة حاليا التي يزسد عددها على أربع محطات إذاعية في السعودية، مفيدا أن البرامج ذات العلاقة بالاحتياجات الإنسانية والهم الاجتماعي هي الأكثر متابعة وجذبا لعديد من المستمعين.
ولفت اليامي إلى أن مستقبل الإذاعة في المملكة واعد، ولا سيما في ظل تطوير وتحسين الهيئة الجديدة للإذاعة والإعلام المرئي والمقروء والمسموع بشكل عام، رافضا فكرة سحب البساط من الإذاعة من قبل قنوات التواصل الاجتماعية والقنوات المرئية على المدى البعيد، أو إسهامها في إلغاء دور الراديو التثقيفي والتربوي والتهذيبي والعلمي والترفيهي، مع مواكبة الأحداث المعهود له منذ بداية انطلاقته. إلى ذلك، أفاد الممثل الشاب محمد الهاشم، الذي شارك في عدد من الأعمال الاذاعية، أن استمرار الإذاعة وبقاءها حتى وقتنا الحاضر، يعد نجاحا لها، كونها المعين الخصب للعاملين فيها ومستمعيها قبل ظهور الوسائل الإعلامية الحديثة، مشيرا إلى أن أهمية الراديو في حياة الإنسان، تتجلى عبر قدرة الراديو على إيصال فكرة وهدف اجتماعي لأكبر شريحة محبة للمذياع، لتغيير أفكار خاطئة وسلوكيات مرفوضة في المجتمع بمناقشتها وعرض النصائح والعلاج من خلال مختصين في البرامج الإذاعية.
وأضاف الهاشم أن من فوائد الإذاعة لكثير من مستمعيها، تزويدهم بكافة ما يحتاجون إليه من نشرات إخبارية تتعلق بالأحداث أو حالة الطقس وما شابهها قبل وصول الصحف اليومية الورقية للمنازل أو المكاتب، كما أنها كانت ولا تزال أفضل وسيلة لغير متعلمي القراءة في المجتمعات غير المتعلمة أو الفئات التي لا تجد وقتا للمطالعة والقراءة، يضاف إلى ذلك ما تدخله الإذاعة عليهم من جو مليء بالمرح والتسلية، مستدركا أن أغلبية المنازل في السعودية لا تخلو من جهاز راديو، وإن لم تستخدمه بشكل دائم، إلا أنه يرتبط معها بعلاقة وطيدة ويمثل ذكرى لأيام جميلة خلت.
وبين الهاشم أن الإذاعة وإن لم تكن بالحظوة ذاتها التي كانت عليها سابقا، إلا أنها لا تزال مهمة ولها متابعيها سواء بغرض الفائدة أو التسلية، ولا سيما أن البرامج الاذاعية أصبحت أكثر ملامسة للشأن الاجتماعي، وبالتالي فإن العمل في الإذاعة يتطلب أداء مقنعا وتمثيلا متمكنا، لأن الرسالة التي نعمل عليها هي مجرد رسالة صوتية تفتقد الحركة الحسية والمرئية لاقتناع الناس بالهدف الذي ينبغي وصوله إليهم.
يشار إلى أن الإذاعة غدت وجهة الشباب الصاعد للنجومية، على غرار الأجيال الذهبية التي اكتسبت إبداعا وفنا، يشار إليه بالبنان حتى وصلت أعمالهم للوطن العربي، خاصة أن كثيرا منهم كانت انطلاقتهم الأولى من خلال الأعمال الإذاعية.

الأكثر قراءة