الصمت أمام «الاتحاد» كلام!
منذ تسلم الكابتن أحمد عيد حقيبة اتحاد كرة القدم (رسمياً) ونحن ننتظر من الاتحاد تعليقاً حول الميزانية التي خُصصت لاتحاد القدم وهل هي كافية لتغطية مصاريف البرامج والخطط التي وعد بها رئيس الاتحاد أثناء حملته الانتخابية؟
بعض الرياضيين يمتنعون عن البوح بأمور مهمة تخص عمل الاتحادات الرياضية التي ينتمون إليها، مفضلين السكوت ومعتبرين أن سكوتهم هذا هو أبلغ رسالة يوصلونها إلى من يهمهم الأمر ليدركوا حقيقة أوضاعهم ويسهموا في تحسينها !!
إذا اعتقد (عيد) أن الحديث الزائد عن الإخفاقات والتجاوزات الإدارية والمالية الحاضرة في أجواء العمل الاتحادي لن يجدي لهم نفعا وأن آثار نشره وفضحه في وسائل الإعلام لن تقدم أو تؤخر لهم شيئا بل بالعكس سيؤثر بصورة سلبية في وضعيهم الرياضي والمالي أو حتى الوظيفي في بعض الأحيان لقناعتهم بعدم جدوى الحديث الذي يعتقدون أنه يسبب لهم (وجع الرأس) ويدخلهم في إشكالات متعددة هم في غنى عنها مثلما يتسبب في إبعادهم عن خانة الاهتمام والتميز التي تتسيدها هذه الأيام ظاهرة المجاملات والمحسوبيات التي تطفو على سطح العلاقات الرياضية وعلى مجمل الواقع الرياضي ..أقول إن اعتقد ذلك فإن المجتمع الرياضي سيعيد مشاهدة ما وعد به قبل انتخابه وعندها ستكون المحاكمة علنية.
ومما لا شك فيه أن حالة الصمت وفي حال استمرارها طويلا قد تؤدي إلى تغييب متعمد للحقائق التي يحتاج إليها الرأي العام الرياضي وتتسبب في اختفاء آثار السلبيات وتمنح فرصة للمسيئين بالاستمرار في نهجهم وبالتالي تصبح الرياضة هي الخاسر الوحيد.
وبصدد الحديث عن الصمت الذي يرافق عمل الكثيرين ممن لا يحبون إثارة المشاكل حسبما يعتقدونه ويؤمنون به أنقل لكم رواية نقلها لي أستاذ الإعلام في جامعة ملقا (روبيرتو قارسيا) الذي قال إن هناك صحفيا عربيا قام يوما ما بانتقاد سياسة الحكومة بشكل مباشر فتم استدعاؤه من قبل رجال الحكومة محذرين إياه من العودة لمثل هذا الحديث الشائن, وفي اليوم التالي كتب الصحفي نفسه عموده اليومي ليتحدث فيه عن أسعار (الفجل والبصل) في السوق, وهنا استدعاه رجال الحكومة مرة أخرى محذرينه من خطورة عموده ليرد عليهم مستغربا بالقول: إنني لم أتطرق أبدا إلى سياسة الحكومة فقالوا له: إن العمود الثاني أخطر من الأول لأن معناه أنك تريد أن تقول للناس إن الحكومة منعتك من الكتابة في الشؤون التي تتوجس منها الحكومة وأنها لم تسمح لك بالكتابة إلا عما هو تافه ولا قيمة له..
وفي اليوم الثالث كان عمود الصحفي فارغا من أية كلمة، ولكنه مثبت في الصحيفة بأنه عمود مملوء بالصمت, وهنا استدعاه رجال الحكومة مرة أخرى وقالوا له: إنك تستحق الآن السجن على فعلتك هذه التي استهدفت بها السلطة.. فقال الصحفي (ولكني لم أكتب شيئا في عمودي الأخير) فقالوا له: هنا تكمن الخطورة لأن معنى وجود عمودك وهو فارغ من الكلام يعني أن في هواجسك كلام والحكومة منعتك من الكلام) وقد صدقت الحكومة, فالصمت أمام الحكومة كلام والصمت في حرم الجمال جمال كما قال المرحوم نزار قباني وصمت الرياضي أمام الاتحاد كلام كما أقول أنا.