عند الإشارات المرورية .. "كل على همه سرى"
أخي القارئ أكتب لك افتتاحية هذا المقال من عند إشارة المرور, و أنا أنظر حولي والوجوه مشدودة ومشحونة من كثرة زحام السيارات عند الإشارة المرورية , ومن طول الانتظار والترقب , عندها قلت لنفسي ما الذي يمكن أن نفعله في مثل هذا الجو المتوتر ؟ , وما هو الحل لمثل هذه الأوقات والمواقف التي قد نشحن فيها نفسيا, وربما نتململ ونتذمر بلا فائدة.
الحلول لمثل هذه المواقف متعددة , وقد تكون بسيطة ومفيدة , فعلى سبيل المثال للذين يعشقون القراءة قد تكون الفرصة مواتية للنظر في دفتي كتاب , وقد جربتها وآتت أكلها جيدا. وأما للذين يهوون الكتابة فهي فرصة مناسبة لكتابة مدخل أو مقدمة لمقال أو بداية فصل لكتاب. وقد بدءت مقدمة هذا المقال الذي بين أيديكم عند الإشارة المرورية , ولا يخفى على البعض منا أن الخاطرة إذا جاءت لابد من تقيدها , وإلا فقد لا تعود إلينا أبدا. والوسائل الإلكترونية الحديثة يسرت لنا القراءة والكتابة أينما حللنا وارتحلنا.
وأما لعشاق الصوت والاستماع فيمكنهم أن يستمعوا إلى ساعات وساعات من المحاضرات والندوات الثقافية والاجتماعية والدينية وغيرها , وهي متواجدة و بكثرة في الأسواق , وعلى صفحات الانترنت .
وهناك طائفة يعشقون الكيف ؟ وأقصد هنا القهوة والهيل أو الكوفي للجيل الجديد ! ( وإن كان في كثرتها نظر من الناحية الطبية) فهي قد تكون فكرة صائبة أن تجعل وقت الانتظار عند الإشارات المرورية هو وقت للتمتع بشرب القهوة , والتنفس بهدوء . و لعلك تعتبره وقت للخلوة بنفسك , وأخذ دقائق معدودة لتفكير في حياتك ومستقبلك في محاولة منك للإنعزال عن الواقع المزعج الذي حولك.
وأما الذين يعشقون الأموال و الأعمال فهي فرصة لتأمل في المحلات التجارية , وملاحظة كم عددها وماذا ينقصها, وما الذي يميز هذا المحل المزدحم عن الآخر, وما الذي يكمن أن استثمره في هذا الشارع أو ذلك.
وأما أولئك الذين قلوبهم معلقة بالسماء فأفضل حل لهم هو الذكر والاستغفار , أو التأمل والتفكر , والانعزال عن العالم المادي الذي يوجع القلب ويقسيه فذلك خير علاج للأرواح.
هناك أفكار كثيرة ومتنوعة يمكننا القيام بها , وما طرحته هاهنا بين يديك إلا أمثلة قليلة , ولست أدري ما هو همّك الذي يشغل تفكيرك عند إشارات المرور , وقد قيل في المثل كل على همه سرى , ولكن المهم أن نهتم قليلا لأوقاتنا لأنها غالية وثمينة فلنحاول أن ننفقها بحكمه.